مقابلات

قيادي بالجماعة الإسلامية لـ"عربي21": لبنان أمام 3 سيناريوهات.. ونحذر من اللعب بالنار

أسامة أبو مراد حذّر من أن أي خطوة غير محسوبة قد تستغل لجرّ البلاد إلى الفوضى- عربي21
أسامة أبو مراد حذّر من أن أي خطوة غير محسوبة قد تستغل لجرّ البلاد إلى الفوضى- عربي21
قال عضو المكتب السياسي للجماعة الإسلامية في لبنان، أسامة أبو مراد، إن بلاده باتت أمام ثلاثة سيناريوهات، في ظل الجدل المتفاقم على خلفية قرار الحكومة اللبنانية بتكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح قبل نهاية عام 2025، مُشدّدا على رفضهم القاطع للانزلاق إلى "أي صراع داخلي"، ومُحذّرا مما وصفه بـ"اللعب بالنار".

ورأى أن السيناريو الأول يتمثل في "التأزيم والتصعيد السياسي في حال استمرت الحكومة في مقاربة هذه الملفات بهذه الطريقة دون الأخذ بعين الاعتبار مبدأ الإجماع الوطني والحوار، والثاني هو إدارة الأزمة تحت الضغط، وهو سيناريو غالب في التجربة اللبنانية، يتم فيه إبقاء الحكومة قائمة شكليا مع تفريغها من التوافق العملي، وهو ما قد يجنب الانفجار، لكنه يعطل الحلول الجذرية ويبقي البلاد رهينة التجاذب والاستنزاف".

أما السيناريو الثالث الذي يواجهه لبنان – وفق أبو مراد - يتمثل في "العودة إلى الحوار الوطني، وهو السيناريو الأكثر نضجا وواقعية، وندعو إليه. إذ أن الخروج من المأزق يتطلب حوارا وطنيا صريحا ومسؤولا، يعيد صياغة التفاهمات حول الملفات الخلافية".

ودعا القيادي في الجماعة الإسلامية، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، الجميع إلى "تحكيم العقل وتغليب الحوار على التصعيد. لبنان لا يحتمل صراعات جديدة، والمطلوب تحصين الساحة الداخلية، لا تفجيرها"، مشيرا إلى أن "أي خطوة غير محسوبة قد تستغل لجرّ البلاد إلى الفوضى".

والخميس، انسحب 4 وزراء شيعة من جلسة الحكومة اللبنانية، مع بدء مناقشة الورقة التي تقدم بها الموفد الأمريكي توماس باراك، في إطار الجهود المبذولة لضبط السلاح على الأراضي اللبنانية، مقابل تأمين انسحاب إسرائيلي من نقاط لا تزال موضع خلاف في الجنوب.

وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":

كيف تنظرون للجدل الدائر على خلفية قرار الحكومة اللبنانية بتكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح قبل نهاية عام 2025؟


نرى أن أي نقاش حول قضايا استراتيجية كحصرية السلاح يجب أن ينطلق من الحرص على الوحدة الوطنية، وحماية الاستقرار الداخلي، وتحصين الساحة اللبنانية من الضغوط الإقليمية والدولية. وندعو إلى أن يدار هذا النقاش ضمن مؤسسات الدولة، وبروح المسؤولية والحوار، لا من منطلقات سياسية ضيقة أو استجابة لإملاءات خارجية.

كيف ترون انسحاب وزراء "الثنائي الشيعي" من جلسة الحكومة اليوم الخميس؟

نأسف أن تصل الأمور إلى هذا الحد من التباين داخل مجلس الوزراء، وندعو إلى إعادة الاعتبار لمبدأ الشراكة الوطنية في اتخاذ القرارات المصيرية. انسحاب وزراء الثنائي الشيعي يؤشر إلى خلل سياسي عميق يعيشه لبنان لا يمكن تجاوزه، بالتجاهل أو القفز فوقه، بحيث يتحول بذلك إلى أزمة ميثاقية.

نؤكد أن إدارة الملفات الوطنية، وخاصة تلك ذات البعد السيادي كملف السلاح، يجب أن تتم بتوافق وطني شامل، لا بمنطق الغلبة أو الإقصاء، وأن أي تغييب أو تهميش لمكونات أساسية في المعادلة اللبنانية لا يخدم الاستقرار ولا يقود إلى حلول.

هل يمكن القول الآن بأن حكومة نواف سلام أصبحت غير دستورية بعد أن فقدت المكون الشيعي؟

نحن لا نستعجل إصدار أحكام دستورية أو ميثاقية، لكن لا شك أن غياب مكون وازن وأساسي عن جلسات الحكومة يطرح تحديا كبيرا أمام استمرارية العمل الحكومي بفعالية وتوازن. المطلوب في هذه المرحلة هو تغليب منطق الشراكة والتفاهم الوطني، والحرص على أن تبقى الحكومة إطارا جامعا لكل المكونات، لا ساحة انقسام أو كسر إرادات.

نحن ندعو إلى معالجة هذه المسألة ضمن الأطر الدستورية وبروحية الوفاق الوطني، بعيدا عن لغة الإلغاء أو التصعيد، لأن مصلحة لبنان في هذا الظرف الدقيق تقتضي الحفاظ على المؤسسات لا دفعها نحو الفراغ أو المواجهة.

ما موقفكم في الجماعة الإسلامية من قرار "حصرية السلاح"؟ وهل أنتم مع أم ضد هذا القرار؟

نحن مع تعزيز دور الدولة ومؤسساتها، ونؤمن بأن حماية لبنان مسؤولية الدولة أولا، لكننا في الوقت نفسه نعتبر أن سلاح المقاومة وجد في سياق مواجهة الاحتلال والتهديدات الصهيونية. وبالتالي، فإن أي بحث في هذا الملف يجب أن يتم ضمن استراتيجية دفاعية وطنية شاملة، تأخذ بعين الاعتبار التهديدات القائمة، وتحفظ للبنان عناصر قوته.

هل تواصلت معكم أي أطراف حكومية أو غير حكومية بخصوص خطوة "حصرية السلاح"؟

حتى الآن، لم يطرح علينا أي تواصل رسمي أو غير رسمي بهذا الخصوص. ونحن نؤمن أن الحوار الجاد والمباشر مع جميع القوى، بما فيها الجماعة الإسلامية، هو السبيل الأمثل لمعالجة القضايا الوطنية الكبرى، وليس الإملاءات أو الإقصاء أو التفرد بالقرارات.

هل تعتقدون أن الحكومة اللبنانية تقوم بتنفيذ "إملاءات خارجية" وتخضع للورقة الأمريكية التي تدعو إلى نزع سلاح المقاومة؟

من المؤسف أن يُطرح هذا الملف الحساس في هذا التوقيت، وبصيغة تتقاطع مع ضغوط أمريكية واضحة تستهدف دور المقاومة في لبنان والمنطقة. ونحن نحذّر من الانخراط غير الواعي في تنفيذ أجندات خارجية، وندعو الحكومة إلى تحصين قرارها الوطني، والتمسك بسيادة لبنان وحقه في الدفاع عن نفسه بكافة الوسائل المشروعة.

ما أبعاد التنسيق بين قوى المقاومة اللبنانية بخصوص توحيد الموقف من "حصرية السلاح"؟

من الطبيعي أن يكون هناك تنسيق بين القوى الوطنية التي تلتقي حول ثوابت المقاومة والدولة. نحن منفتحون على كل نقاش يصب في حماية لبنان وتعزيز وحدته، وندعم أي حوار وطني جامع يبنى على رفض الهيمنة للقوى الخارجية، والتزام المصلحة الوطنية.

هل يمكن إقرار الورقة الأمريكية بشكل نهائي رغم الانسحابات التي حدثت؟

نتمنى أن تسود روح الحكمة والمسؤولية بين الجميع، وأن يُعاد النظر في الطروحات التي قد تُهدّد الاستقرار الوطني. لا نعتقد أن هناك إجماعا على تمرير الورقة الأمريكية كما هي، لذلك نأمل أن يكون هناك توازن في القرار اللبناني، يحمي لبنان من الانزلاق إلى صراعات داخلية أو ارتهانات خارجية.

لماذا تم تحديد مهلة زمنية قصيرة تنتهي بنهاية العام الحالي؟

المهلة الزمنية القصيرة توحي بأن هناك عجلة غير مبررة، ربما تعكس ضغوطا دولية لتوظيف الوضع الداخلي في ملفات إقليمية أوسع. نرى أن الملفات الوطنية الكبرى لا تعالج بالمهل الضيقة، بل بالحوار الهادئ والتدرج، وضمن توافق لبناني شامل، لا فرض من طرف على آخر.

ما هي خيارات المقاومة اللبنانية والحكومة اللبناني في حال فشل التوافق على نزع السلاح؟

نعتقد أن الرهان يجب أن يبقى على التوافق الوطني، لا على الصدام أو الانقسام. فالمقاومة هي جزء من النسيج الوطني، وخياراتها يجب أن تكون منسجمة مع حماية السلم الأهلي، والاستعداد للتهديدات الصهيونية. أما الحكومة، فعليها أن تتحمل مسؤولياتها في إدارة هذا الملف برؤية وطنية لا تخضع للابتزاز.

ما مدى وجود إجماع سياسي وشعبي في لبنان حول قرار "حصرية السلاح"؟

لا يمكن الحديث عن إجماع سياسي أو شعبي حول هذا القرار. الانقسام واضح، والتباين في المواقف عميق. ولذلك فإن أي محاولة لفرض الأمر الواقع ستؤدي إلى تعقيد المشهد أكثر. المطلوب هو إجماع وطني، لا استفراد بالقرار أو تعويم طروحات خارجية غير متوافق عليها داخليا.

إلى مَن سيتم تسليم السلاح؟ وهل هناك إمكانية لدمج مقاتلي المقاومة اللبنانية ضمن صفوف الجيش اللبناني؟

هذه تساؤلات خطيرة تظهر مدى غياب الرؤية الواضحة في الطروحات المتداولة. لا يمكن الحديث عن تسليم سلاح أو دمج مقاومين قبل الاتفاق على استراتيجية دفاعية وطنية. والجيش اللبناني هو مؤسسة وطنية نحترمها وندعمها، لكن لا يجوز تحميله ما يفوق طاقته في ظل غياب توافق سياسي واستراتيجية وطنية واضحة.

ما السيناريوهات التي تتوقعونها على ضوء التطورات الأخيرة؟

ما نشهده اليوم هو مؤشر على أزمة سياسية بنيوية تطال ليس فقط قرارات الحكومة وتوازنها، بل أيضا آليات اتخاذ القرار الوطني في القضايا السيادية. السيناريوهات المطروحة على ضوء انسحاب مكون سياسي وازن، ووجود ملفات شائكة على طاولة البحث، يمكن تلخيصها في ثلاثة مسارات متداخلة:

1. سيناريو التأزيم والتصعيد السياسي:

في حال استمرت الحكومة في مقاربة هذه الملفات بهذه الطريقة دون الأخذ بعين الاعتبار مبدأ الإجماع الوطني والحوار، وذهبت في اتجاه فرض قرارات تتعلق بقضايا خلافية كـ"حصرية السلاح" دون توافق، فإن ذلك قد يفضي إلى تصعيد سياسي واسع النطاق، وربما إلى شلل حكومي أو استقالات إضافية، ما يهدد بانفراط عقد السلطة التنفيذية، ويدخل البلاد في أزمة مفتوحة.

2. سيناريو إدارة الأزمة تحت الضغط:

وهو سيناريو غالب في التجربة اللبنانية، يتم فيه إبقاء الحكومة قائمة شكليا مع تفريغها من التوافق العملي، بحيث يصار إلى تأجيل البت في الملفات الكبرى، مقابل الحفاظ على الحد الأدنى من التسيير. هذا السيناريو قد يجنب الانفجار، لكنه يعطل الحلول الجذرية ويبقي البلاد رهينة التجاذب والاستنزاف.

3. سيناريو العودة إلى الحوار الوطني:

وهو السيناريو الأكثر نضجا وواقعية، وندعو إليه. إذ أن الخروج من المأزق يتطلب حوارا وطنيا صريحا ومسؤولا، يعيد صياغة التفاهمات حول الملفات الخلافية، وفي مقدمتها الاستراتيجية الدفاعية، دور المقاومة، وموقع لبنان في الصراع الإقليمي. هذا الخيار يعزز الشراكة، ويحصن الداخل، ويمنع الانزلاق إلى مواجهات نحن في غنى عنها.

إننا نعتقد أن البلاد اليوم بحاجة إلى مساحات تقاطع لا مناطق اشتباك، وإلى قرارات وطنية لا رهانات خارجية، ونؤمن أننا قادرون على ذلك إذا ما توفر الحد الأدنى من الإرادة السياسية الجامعة.

كيف تنظرون للمخاوف من احتمالات حدوث مواجهات داخلية أو حرب أهلية في حال فشل التوافق على مبدأ حصرية السلاح؟

نرفض رفضا قاطعا الانزلاق إلى أي صراع داخلي. ونرى أن أي خطوة غير محسوبة قد تستغل لجرّ البلاد إلى الفوضى. لذلك نحذر من اللعب بالنار، وندعو الجميع إلى تحكيم العقل وتغليب الحوار على التصعيد. لبنان لا يحتمل صراعات جديدة، والمطلوب تحصين الساحة الداخلية، لا تفجيرها.


Image1_8202587417642635697.jpg
التعليقات (0)