أثار تهديد رئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو، العلني، هو وأعضاء بحكومته باستهداف قادة المقاومة الفلسطينية على أراضي الدول التي تستضيفهم وفتح جبهات مع عدة دول بإقليم الشرق الأوسط في آن واحد، حفيظة الشارع
المصري والعربي والتركي والإيراني، وسط دعوات لتكاتف القاهرة وأنقرة وطهران والدوحة وعواصم أخرى.
وعصر الثلاثاء الماضي، شنت دولة الاحتلال الإسرائيلي 12 غارة جوية على العاصمة
القطرية الدوحة، مستهدفة قيادة حماس، ما سبقه هجوم إسرائيلي على لبنان، واليمن، وسوريا، وأسطول الصمود بتونس، مع المجازر الدموية بقطاع غزة والضفة الغربية، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقال نتنياهو: "على قطر، وكل الدول التي تؤي (الإرهابيين) -وصف يطلقه على قيادات حركة المقاومة الفلسطينية (حماس)- أن تطردهم أو يقدمونهم للعدالة أو أن إسرائيل ستفعل ذلك، إن لم تفعل تلك الدول"، ما اعتبره مراقبون تهديدا صريحا لتلك الدول بتكرار "عملية قطر"، واستهداف قادة حماس على أراضيها.
والخميس الماضي، هدد وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عبر "إكس" باستهداف قادة المقاومة متجاهلا أن بعضهم يقيم في مصر، مؤكدا أن "يد إسرائيل ستعمل ضد أعدائها في أي مكان، لا يوجد مكان يمكنهم الاختباء فيه".
ومن جانبه، قال السفير الإسرائيلي بواشنطن، يحيئيل لايتر، الأربعاء الماضي، لـ"فوكس نيوز": "أعضاء حماس موضوعون على قائمة الأهداف بأي مكان وزمان".
ونشر رئيس الكنيست الإسرائيلي أمير أوحانا، الثلاثء، مقطعا للهجوم الإسرائيلي على قطر، موجها تهديدا صريحا لدول الإقليم، قائلا: "هذه رسالة لكل الشرق الأوسط".
حراك القاهرة.. واستهداف أنقرة
وأكد مراقبون أن التهديدات الإسرائيلية المتتابعة باستهداف المقاومة والمطالب بطرد قياداتها أو التعرض لعقاب إسرائيلي، تشمل قطر، وتركيا، وإيران، وسوريا، واليمن، وحتى مصر، ملمحين إلى أن نتنياهو بعد قصف طهران وبيروت ودمشق وتونس واليمن، يريد فرض إرادته على الإقليم، في توجه قد يصل عواصم أخرى.
ورغم أنه لا توجد دلائل على تهديد علني واضح لمصر، ولم يطلق نتنياهو تصريحات رسمية يهدّد باستهداف المقاومة بالقاهرة أو يطالب بطردهم، لم يستبعد البعض استهداف إسرائيل قادة حماس الذين دعتهم مصر للإقامة بها عقب ضرب قطر، فيما اعتبروا أن تحالف مصري تركي
إيراني الآن هو واجب الوقت.
وتشير الأنباء إلى توتر الأجواء بين تل أبيب والقاهرة، التي نشرت نحو 40 ألف جندي على حدود غزة، وقررت تقليص التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال الإسرائيلي بعد هجوم الدوحة، بحسب "قناة العربية"،
اظهار أخبار متعلقة
وكشف موقع "ميدل إيست آي" عن تقارير استخبارية "تشير إلى أن دولة الاحتلال كانت تخطط لاغتيال قادة حماس بالقاهرة".
وقال مصدر أمني مصري للموقع البريطاني، إن "أي محاولة لاستهداف قيادات حماس على الأراضي المصرية ستُعتبر في نظر مصر انتهاكا لسيادتها، وبالتالي إعلان حرب من قبل إسرائيل، ولن نتردد في الرد عليها".
وتشير صحيفة "الأخبار" اللبنانية، إلى حراك مصري بقمة الدوحة (العربية- الإسلامية) الاثنين المقبل، لإطلاق "قوة عربية مشتركة"، لـ"حماية أي دولة عربية تتعرّض لاعتداء"، مقترحة إشراك 20 ألف مقاتل من جيشها بالقوة العسكرية المحتملة.
وفي السياق، تشير الصحف الإسرائيلية إلى أن تركيا، الهدف الإسرائيلي التالي عقب قطر، ما دفع "هآرتس" العبرية، للتحذير من عواقب "كارثية"، ملمحة إلى أن أنقرة تمتلك ثاني أكبر جيش بـ"الناتو".
وفي مقابل، التوتر المصري التركي مع الكيان المحتل، هناك تقارب لافت بين القاهرة وأنقرة وتعاون اقتصادي وعسكري وتوقيع اتفاقيات تصنيع طائرات تركية، ما يشير إلى إمكانية التعاون الأمني في ملف التهديدات الإسرائيلية، لكنه وفق محللين، لا يُعرف، هل يمكن أن يصل حد تشكيل تحالف ضد إسرائيل أم لا، خاصة في ظل الدعم الأمريكي المفتوج لتل أبيب؟.
اظهار أخبار متعلقة
وفي مواجهة إدانات عالمية لاعتداء إسرائيل على الدوحة، زار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، إسرائيل السبت، في جولة تشمل بريطانيا، بهدف "تجديد التزام واشنطن بأمن إسرائيل".
يدق طبول الحرب
وفي قراءته للموقف، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي التركي حمزة تكين، لـ"عربي21": "تصريحات نتنياهو المطلوب للمحاكم الدولية، ليست لاستعراض القوة، وإخضاع المنطقة، وحسب، بل تدق طبول الحرب، ودليل ذلك أن بين يمينه من لم يكتف بالتصريح هنا أو هناك، بل يهدد بقصف دول عربية، وهذه تعني الحرب".
وأضاف: "وهو يهدد كل المنطقة، لذا الأمر يستوجب أن تدرك تلك الدول حجم الخطر المحدق، وأن تعمل على اتخاذ قرارات حاسمة عملية ضد الاحتلال، قرارات بالسياسة بالاقتصاد بالدبلوماسية، وحتى بالعسكر إن اقتضى الأمر".
وحول احتمالات حصول نتنياهو، على دعم اليمين الأوروبي والأمريكي المتصاعد بقوة، في أي صراع قادم محتمل بالإقليم، أكد تكين، أن "نتنياهو ليس بحاجة أن يستجدي دعم أوروبا وأمريكا؛ فهو حاصل على الدعم بشكل مسبق".
ويرى أنه "لولا هذا الدعم والسكوت الغربي، لما تجرأ نتنياهو على الاستمرار بقصف دول المنطقة والاستمرار بالإبادة الجماعية في غزة، فضلا عن سكوت الأمتين العربية والإسلامية".
وفي تقديره لإمكانية أن تدفع الاستفزازات والتهديدات الإسرائيلية تلك الدول لتكوين تحالف عسكري بمواجهة الاحتلال، قال المحلل التركي، إن "وضع الشرق الأوسط في غاية الخطورة؛ فإما أن تتوحد الدول العربية والإسلامية ضد هذا الخطر، وإما أن هذا الخطر سيضرب كل دولة على حدة يوما بعد يوم".
اظهار أخبار متعلقة
لن تسمح أمريكا
وفي رؤيته، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير عبدالله الأشعل: "هذه الدول لا يمكن أن تتحرك أبدا مجتمعة إلا بالتوافق مع أمريكا، ولا يمكن أن تسمح أمريكا مطلقا بتوافق دول المنطقة بمواجهة إسرائيل، كما أنه لا يمكن لنتنياهو قول هذا التصريح إلا بموافقة أمريكية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، يرى أنه "يمكن أن يكون هناك اتفاق بين مصر وتركيا بشكل خاص، لحماية أمنهما المشترك، ولكن ليس اتفاقا موجها ضد إسرائيل".
وأكد أن "تصريحات نتنياهو وقادة جيش إسرائيل العسكريين من المفترض أن تدفع تلك الدول للتنسيق بينها لاتخاذ إجراءات وقائية فقط، ولكن لا أعتقد أبدا أن تكون هجومية ضد إسرائيل".
أكثر تعقيدا
الباحث المصري في الشأن الإيراني أسامة الهتيمي، قال لـ"عربي21"، إن "ثمة عوامل مهمة وخطيرة تدفع هذه الدول لإقامة تحالف عسكري لمواجهة الاستفزازات الإسرائيلية التي وصلت لحد التهديدات في بعض الأحيان خاصة وأن التصعيد الإسرائيلي تجاوز كل الخطوط الحمراء وآخرها العدوان على الدوحة".
وأضاف: "ربما يجمع هذه الدول الرغبة الحقيقية بتحجيم التجاوزات الإسرائيلية التي جعلت المنطقة برمتها على حافة الهاوية وأوجدت حالة من عدم الاستقرار الأمني".
ويرى أنه "في مقابل ذلك فإن إمكانية وجود مثل هذا التحالف أمر صعب لأقصى درجة لأسباب عديدة؛ فهذه الدول ليست على توافق أيدلوجي أو إستراتيجي تام بل إن علاقات بعضها ببعض تتسم أحيانا بالتوتر، فضلا عن أن البعض منها تربطه علاقات قوية مع واشنطن والغرب تحول بينها وبين الانخراط بهذه التحالفات".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد أن "موقف مصر من المشاركة في أي تحالفات عسكرية أمر محسوم منذ اتفاقية (كامب ديفيد)، فهي تفضل أن تحتفظ بقرارها العسكري مستقلا ومرتهنا بأمنها القومي، وعليه فليس من المرجح أن تشارك بتحالف عسكري مع أي طرف كان، إلا في ظل ظروف خاصة جدا".
وذهب للقول: "إذا كان هذا موقف مصر من التحالفات العسكرية في المطلق؛ فإن الأمر يصبح أكثر تعقيدا في حال كان التحالف مع إيران، فرغم التقارب بينهما فيما يخص رعاية مصر لتفاهم بين طهران ووكالة الطاقة الذرية، فإن هذا التقارب محسوب، ومحدود، فمصر لم تزل تتفهم حساسية بلدان الخليج لمثل هذا التقارب نظرا للسلوك الإيراني بالمنطقة".
رسالة لمصر وتركيا
وفي مقال بـ"عربي21"، أكد الكاتب المصري سمير العركي، أن رسالة إسرائيل بالهجوم على الدوحة هي أن الاعتداءات يمكن أن تطول أي عاصمة عربية أو إقليمية أخرى، ما يستدعي تحركا عاجلا، مبينا أن الأمر يستلزم تنسيقا خاصا بين تركيا ومصر على المستويين العسكري والسياسي.
اظهار أخبار متعلقة
وخلال السنوات الماضية جرى الحديث عن تحالفات عربية عربية لكنها لم تكتمل أو تستمر، لذلك يرى الصحفي المصري قطب العربي، بضرورة "بناء منظومة تصنيع عسكري عربي إسلامي مشترك، بعد أن ثبت أن السلاح الأمريكي الأوروبي الذي يعتمد عليه العرب لا ولن يحميهم"، داعيا عبر "فيسبوك"، قمة الدوحة العربية الإسلامية الاثنين المقبل لاتخاذ قرارا بذلك.
ميزان القوى بالإقليم
وفق تصنيف "جلوبال فاير باور" لعام 2025، تحل تركيا وإسرائيل وإيران ومصر بالمرتبة (9 و15، و16، و19) على التوالي من حيث القوة العسكرية العالميّة بين 145 دولة.
ومن حيث القوة البشرية، تمتلك دولة الاحتلال 170 ألف جندي و465 ألف احتياط، ولمصر 440 و480 ألفا، ولتركيا 355 و378.7 ألفا، ولإيران 610 ألف جندي بجانب الحرس الثوري، فيما تمتلك دولة الاحتلال 1300دبابة و240 مقاتلة، مقابل 3620 دبابة و238 طائرة لمصر، و2330 دبابة و201 مقاتلة لتركيا، و1700 دبابة لإيران.
وتتميز مصر بقوة برية كبيرة ودبابات وقوة إقليمية مهمة، لكن تفتقر للتفوق الجوي والتكنولوجي بمقابل إسرائيل التي تتفوق من حيث نوعية الطائرات (إف 16 و15 و35)، والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي.
وتعد تركيا، أقوى قوة تقليدية من حيث الاحتياط والتعداد والقدرة الصناعية وإنتاج الطائرات، لتتميز إيران، بأنها قوة بالستية وترسانة صواريخ، وقدرات طائرات مسيّرة هجومية.