مقالات مختارة

بعد قمة الصلف، ماذا بعد القمة؟

عمار يزلي
إكس
إكس
ما أقدم عليه، مؤخرا، الصلف الصهيوني، في قلب العاصمة القطرية، قد يكون بداية نهاية حقبة، ضمن الصراع مع الكيان الذي استباح اليوم الوطن العربي برمته، وليس فقط الأراضي المحتلة وغزة. عدوان سافر، مدعوم “بحليف” استراتيجي في المنطقة، ولم يجد مجلس الأمن حتى الشجاعة لتسمية اسم المتعدي، واعتبار ذلك تعديا صارخا على القانون الدولي، كما صرح به مندوب الجزائر في مجلس الأمن.

موقف غريب وغير مفهوم، وإن كان معروفا، من لدن الإدارة الأمريكية، التي لم تُدن، وإن تأسفت أسف المشارك في الاعتداء، مشاركة، كانت في شكل تقاسم أدوار، ادعت أنها لم تكن على علم وأنها أبلغت قطر بذلك 10 دقائق بعد الحادث. كما أنها لم تفعّل بطاريات دفاعاتها عن العاصمة القطرية من قاعدة العيديد، التي من المفروض أن تحمي المنطقة كلها، وليس فقط قطر.

لكن العدوان حصل، ولا اعتراض، لا في السماء ولا عبر الهاتف ضد هذا العدوان السافر، على عكس يوم قصفت إيران قاعدة العيديد، عندها تدخلت الدفاعات الجوية الأمريكية بقوة، دفاعا عن سيادة قطر وقاعدتها العسكرية: الواضح الآن، ماذا تعني الحماية الأمريكية لمنطقة الخليج، وممن تريد وتدعي أن تحميهم؟ ليس من الكيان الصهيوني، العدو الأوحد والمشترك للمنطقة، بل من إيران “عدو الإنسانية”، كما تريد الإدارة الأمريكية والصهيونية على حد سواء، تسويقه وإرغام الجميع على ابتلاعه.

بعد هذه الاعتداء، لم يعد أحد يشك في أن الكيان هو العدو الأول والأخير، للمنطقة وأن كل تسويق وشيطنة لدولة بالجوار، إنما هو تعمية للأبصار وابتزاز سياسي رخيص للمنطقة.

دعوة قطر إلى انعقاد قمة عربية طارئة، قد تحرك بعض المياه الآسنة، وتحرك بعض الألسنة، لكن، لا أحد يتوقع الشيء الكبير من هذا اللقاء، بسبب الترهل والخلاف بين الأعضاء، بين مطبع ورافض، ومن هو في الطريق، ومن هو على قارعة الطريق، إنما يبقى انعقادها أفضل من الصمت، في ظل العبث العالمي والضعف العربي والإسلامي، على كبره، والقوة الكامنة والضاربة فيه، عبر وحدتها وإصرارها وكلمتها الموحدة ووقوفها على قلب رجل واحد من عدو يصر على إهانة الجميع، وتهديد الكل بلا سأم ولا ملل، وبصريح العبارة. الكل، الآن، بات مهددا في سيادته: بالأمس كان العراق، وليبيا، واليمن ثم سورية ولبنان وإيران، وقبل ذلك تونس واليوم أيضا. وهاهي قطر، حليف أكبر قوة في العالم، التي تستضيف أكبر قاعدة جوية في المنطقة، يعتدى عليها من قبل الحليف الأكبر للولايات المتحدة، وبعلمها المسبق دون أن تمنع المعتدي، ولا أن تردعه ولا حتى أن تدينه، وهذا ما يجعل قطر والعرب خلال القمة المقبلة، يفكرون مليا وبجدية في ضرورة الاعتماد على النفس والوحدة وحتى تفعيل الدفاع المشترك أو الدخول في تحالفات دفاعية مشتركة مع أطراف أخرى. كل شيء محتمل، رغم أنه قد يبقى في حدود المناقشات والآراء دون الوصول إلى تفعيل آليات ذلك فعليا، بسبب الضغوط الواقعة تحتها المنطقة برمتها، وعدم وجود نزعة تحرر رسمية لدى كثير من الأطراف في الجامعة، بخلاف بعض الدول الرافضة، ومنها الجزائر.

بالتأكيد، موقف الجزائر، إن حضرت على مستوى القمة، سيكون قويا رفقة دول أخرى، لكن الرد لن يكون حتما في مستوى العدوان، مع ذلك، الرد قد يكون بداية لتغيير اللهجة مع الولايات المتحدة، ووحده الانتقال إلى إدخال منافس دفاعي للمنطقة، من شأنه أن يهز أركان النظام العالمي المبني على الهيمنة الأمريكية والغطرسة الصهيونية.

الشروق الجزائرية
التعليقات (0)

خبر عاجل