في الوقت الذي ما زالت فيه دولة
الاحتلال تحاول الحدّ من الآثار السلبية التي أسفر عنها العدوان على قطر، وما نتج عنه من ردود فعل منددة، تشهد الساحة السياسي سيلا من التصريحات الشعبوية لأعضاء الحكومة بشأن الهجوم، ما يزيد من موجة معاداة الاسرائيليين المتصاعدة حول العالم.
وذكرت ليلاخ سيغان خبيرة شئون الإعلام بصحيفة معاريف، أن "الإسرائيليين أصيبوا بالدهشة مجددا، ولعلها للمرة الألف منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر، وهم يستمعون لتصريحات وزرائهم الذين يتسببون بإشكاليات دبلوماسية حول العالم، وآخرهم وزير الحرب يسرائيل
كاتس، الذي غرد قائلا: لقد بدأنا، مرفقا بصورة مبنى شاهق منهار في
غزة، كما لو أن أي شيء في العملية العسكرية يتوقف على قراراته، أما وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، غير المرغوب به في إسبانيا، فسارع للتغريد بأننا "اتخذنا القرار الصائب في الدوحة".
وأضافت في
مقال ترجمته "عربي21" أن "هذه التصريحات الصادرة عن أعضاء الائتلاف الحكومي لا يتوقفون للحظة قبل أن يندفعوا لنشر التغريدة التالية، وكأنه لا تهمهم العواقب، ولا يعنيهم أي مراعاة لمشاعر عائلات المخطوفين، الذين ربما تأثروا بمحاولة الاغتيال في الدوحة".
وأشارت أن "الأمر لا يقتصر على المواقف المؤذية من الداخل، فقد واجه الاحتلال وابلا جديدا من ردود الفعل الصادمة من الخارج، وشلّالاً من إدانات الدول العربية، وهو ما كان متوقعًا، واكتمل نصاب
الأزمة الدبلوماسية للاحتلال بردود فعل "أصدقائه" في الغرب، الذين يشنون عليه في كل مرة ردودًا أكثر حدّة، وباتوا دائما ينتقدوه، حتى بات ينطبق وصف هذا الأسبوع بأنه مزيج مظلم من التطورات السياسية".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضحت أن "عناوين الصحف العالمية صوّرت دولة الاحتلال بعد هجوم الدوحة بأنها عدوانيةً، وقطر وسيطًا يسعى للسلام، أما بيرس مورغان، الصحفي البريطاني الذي انقلب على الاسرائيليين قبل بضعة أشهر، فغرّد بأن بنيامين نتنياهو فقد السيطرة، وأن الهجوم على قطر لا يمكن تبريره، وهذا يعني أن الفجوة بين التباهي الاسرائيلي الداخلي بمحاولة الاغتيال، والصفعات الخارجية التي تلقاها أكبر من أي وقتٍ مضى، بل إن التباهي والصفعات بلغت ذروتها هذا الأسبوع، وفي نفس الوقت".
وأكدت أن "الأمر الحاسم لدى الاسرائيليين هو الوضع الأمني الشخصي لكل منهم، وهذا هو سبب التباهي بالنجاحات العسكرية، فهو يخلق وهمًا بتزايد لديهم بين عملية وأخرى، رغم أن هذا التباهي المُفرِط يضرّ أحياناً بالأمن في الواقع، لأنه يُبعد الشركاء الغربيين عنه، وعندما ينأون بأنفسهم، تشعر الدول العربية بالراحة في انتقاد الاحتلال، ومهاجمته، وهو ما دفع رئيس وزراء قطر لوصف الاسرائيليين بـ"البرابرة" و"دولة الإرهاب"، كما أعلنت أورسولا فون دير لاين، رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، عن نيتها الترويج لسلسلة من الإجراءات الصارمة ضد حكومة الاحتلال، بما فيه وقف اتفاقية التجارة، وفرض عقوبات على الوزراء".
وأضافت أن "ما تشهده دولة الاحتلال يتزامن مع معاناة العالم أجمع من الاستقطاب، وتزايد التطرف، والمظاهرات الصاخبة، والكثير من الشعبوية من طرفي الطيف السياسي، لكن المزيج المُميت الذي تشهده هي يبدو مختلفا، فهو مزيج مُفرط ومُتطرف من الشعبوية المُتبجحة لأعضاء الحكومة، مع موجة مُفرطة من معاداة الاحتلال الناشئة حول العالم، لكن أصعب ما في هذا المزيج السام أن الاسرائيليين فقدوا القدرة على التصرف بحكمة، لأن تفضيل الخطاب الشعبوي المُتشدد يُسبب لهم المزيد والمزيد من المشاكل في الدول الغربية".
لا يخفي الاسرائيليون إحباطهم من حالة التعاطف الغربي مع الفلسطينيين والعرب، لأنهم تعلموا أن تكون أكثر رقيًا في طريقة تعبيرهم عن أنفسهم، وبالتالي فهم يحظون بالدعم من جماهيره، ويلقون تعاطفًا، أما الوزراء الإسرائيليون فقد تعلّموا أن يكونوا أكثر "غباءً"، دون القدرة على كبح جماح أنفسهم، ولا إصدار خطاب تصالحي وإنساني في ظل الهجمات العسكرية، والثمن هو مزيد من المقاطعة والمبادرات السياسية التي تضر بهم، وتفيد الفلسطينيين.