خرجت الجماهير الفلسطينية الاثنين، في مشاهد احتفالية لاستقبال الأسرى المفرج عنهم من السجون
الإسرائيلية، ضمن اتفاق تبادل الأسرى الذي تم في إطار وقف إطلاق النار الجديد بين دولة الاحتلال وحركة
حماس.
وأوضحت صحيفة نيويورك تايمز، أن الحشود تجمعت منذ ساعات الفجر في مدينة رام الله بالضفة الغربية، حيث استقبلت بالحفاوة والدموع الحافلات التي نقلت نحو ألفي أسير ومعتقل فلسطيني تم الإفراج عنهم.
ولوح الأسرى بشارات النصر أثناء نزولهم من الحافلات، فيما هرعت عائلاتهم لمعانقتهم وسط أجواء من البكاء والهتافات.
ونقلت الصحيفة عن ناصر شحادة، أحد المفرج عنهم بعد قضائه ثلاث سنوات من حكم بالسجن لمدة 17 عاماً بتهمة تنفيذ عملية دهس ضد جنديين إسرائيليين، قوله: "هذا الشعور لا يوصف... لم أنم منذ أن أُبلغت بخبر الإفراج قبل ثلاثة أيام".
وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية، بحسب التقرير، أنها أفرجت عن جميع الفلسطينيين الـ1,968 المدرجين في صفقة التبادل مقابل جميع الرهائن الإسرائيليين الذين كانوا محتجزين في
غزة، مشيرة إلى أن المفرج عنهم وُزعوا على الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.
من بين المفرج عنهم، بحسب "نيويورك تايمز"، نحو 250 أسيرا أدينوا بعمليات ضد إسرائيليين، معظمهم من حركة فتح، بينما تم اعتقال حوالي 1,700 آخرين من غزة خلال الحرب دون توجيه تهم. كما نُفي أكثر من 150 أسيراً إلى خارج الأراضي الفلسطينية، ونُقل سكان غزة منهم عبر معبر رفح إلى مصر.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وفق ما نقلت الصحيفة، إن ثمانية من الأسرى أُدخلوا المستشفيات للعلاج بعد الإفراج عنهم، بينهم أسير نُقل إلى مستشفى رام الله من سجن عوفر.
وأوضح بلال شحادة، والد ناصر، أن ابنه "فقد نحو 100 رطل من وزنه، وحُرم من الطعام والنظافة لأشهر طويلة"، مضيفاً: "أولويتنا الآن هي علاجه واستعادته لعافيته".
وفي خان يونس، نقلت الصحيفة عن حليمة أبو شناب قولها إنها شعرت "بالفرح والخوف في آن واحد" بعد رؤية شقيقها كمال أبو شناب، الذي أمضى 23 عاماً في السجن، مضيفة أنه "كان مغطى بالكدمات ويعاني من إصابة في الكتف لم تُعالج منذ ثمانية أشهر". وأكدت أن شقيقها "تعرض للضرب المبرح والإهانة داخل المعتقل".
اظهار أخبار متعلقة
ونقلت الصحيفة عن أبراهام موسى، رئيس المنظمة الوطنية الإسرائيلية لضحايا الإرهاب، قوله إنه "بكى عندما علم بإطلاق سراح محمد عادل داود، الذي قتل زوجته وابنه"، لكنه أضاف: "إذا كان هذا سيساعد عائلات الرهائن على استعادة أحبائهم، فربما يكون الثمن مقبولاً".
في المقابل، نقل التقرير مشاعر الإحباط عن بعض العائلات الفلسطينية التي لم تشملها الصفقة، مثل نهاد حمامي التي كانت تنتظر شقيقها محمد، وقالت: "كان اسمه على القائمة حتى صباح اليوم، ثم تغيرت. لا نعرف إن كنا سنراه مجددا... غزة مدمرة، وأخشى ألا يجد مأوى".
وفي غزة، أفادت الصحيفة أن الحشود احتشدت أمام مستشفى ناصر في خان يونس، حيث نُقل عدد كبير من الأسرى المحررين لتلقي العلاج، وسط إطلاق نار في الهواء من عناصر مسلحة في محاولة لتنظيم الجموع.
وقالت الصحيفة إن "آلاف الأشخاص احتفلوا وسط أنقاض المدينة، مختلطين بين الفرح والحزن والذهول".
ورصد التقرير مشاهد إنسانية مؤثرة، منها ما نقلته روزان نايف عدوة (23 عاماً) التي كانت تبحث عن خطيبها محمد خليل المعتقل منذ 11 شهراً، وقالت: "خرج من سجن صغير إلى سجن أكبر... لكنه سيعيد بناء منزله وحياته".
وقالت أماني نصير، 30 عاما، التي نزحت 19 مرة خلال الحرب، إن "اليوم أسعد أيام حياتنا"، مضيفة: "كنا سعداء لأجل أسرانا، نحن نحب السلام والهدنة، تماما كما يقلق الإسرائيليون على أسراهم، نحن نقلق على أسرانا".
وختمت "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن مشاهد الإفراج والفرح في الضفة وغزة عكست "توق الفلسطينيين إلى السلام بعد عامين من الحرب المدمّرة"، لكنها في الوقت ذاته "أظهرت حجم الجراح الإنسانية العميقة التي خلفها الصراع".