معنى الانبهار
في اللغة العربية
يعني حالة من الإعجاب الشديد أو الدهشة والذهول أمام شيء مدهش أو مبهر، سواء كان
ذلك بسبب جماله، أو روعته، أو تميزه. وهي تعبر عن شعور بالتأثر العميق أو الانجذاب
القوي نحو شيء يثير الإعجاب أو يفوق التوقعات.
والانبهار يحصل لجمال امرأة لا تتوقع جمالها، أو امرأة تنبهر برجل يفوق وصف
تخيلها، أو لمنظر خلاب قد يمتلك كيانك وتضطر للتوقف إن كنت تقود سيارة لحين
استعادة توازنك، وهذا حصل مرة أمامي عندما انبهر سائق سيارة بمنظر بحيرة، فاضطررت أن
أوجهه بهدوء ليتوقف جانبا ثم يتأمل المنظر، أو تطور علمي يفوق التوقعات، أو كما
يحصل غالبا بانبهار مهاجرين إلى الغرب بنمط الحياة الغربية.
هل يزول الانبهار؟
عندما نقول إن الانبهار سببه أن يفوق ما يبهرك التوقعات، فإن إدراك حقيقة
ما يبهرك سيعيد التوازن إلى الإنسان ويتحول التقرير من الفؤاد إلى القلب؛ حيث يعقل
المرء، والقلب ليس الذي في الجوف وإنما في الرأس وما اصطلح على تسميته العقل، وهنا
يفكر الإنسان ليعطي إطارا ومحتوى حقيقيا لما انبهر له.
وذهابا مع الأمثلة التي ضربت، فقد يقود الانبهار بالمرأة إلى أمر حسن ثم
زواج، أو انكسار وانسحاق إن كانت المرأة تولّد عندها استقراء سلبي لهذا الشخص،
وباختلاف الأعمار تختلف الأفعال وردود الفعل لكن سيكون أي نوع من المسارات هو
انتهاء لحالة الانبهار وحكم الواقع. ولعل هذا أحد الأسباب التي تشارك بارتفاع نسبة
الطلاق عندما لا يجري إعمال للتفكير وعقل الأمور، لكن إن توازن التفكير فمن اليسير
أن تمهد الطرق ويخطط لبناء الحياة لما بعد الانبهار؛ فإما أن يكونا معا أو ككلمة
عابرة في تاريخ حياتهما، وهذا غالبا ما يحصل عند الناضج من الرجال والنساء.
ومن الطبيعي ألّا يدوم الانبهار بالمنظر إلا ضعف أو عدة أضعاف الانبهار
بالضوء، والذي يعني غياب الرؤية نتيجة قوة الضوء، سواء الخروج من مكان مظلم إلى
مضيء أو بفحص العيون، فهو زمن توازن البؤبؤ مع الإضاءة.
معالم الانبهار:
رؤية الأمور بعين المعجب الذي لا يرى أية وجهة نظر لأي مقارنة، والعطاء
المستمر وبلا حدود أو لحظة تفكير، سواء كان ما تعطيه إنسانا أم منطقة أم دولة أم
نظاما يستحق فعلا، أو أن هنالك سؤالا عن ماهيته وحقيقته. الإعجاب غير المحدود هو
كاندفاع تسونامي، وهو ليس سلبيا بالكلية لكن سلبياته خطيرة، فمعظم المنبهرين
بوطنهم الجديد سواء كان في الغرب أو حتى في بلد كبلدان الخليج ووجدوا جوا يستقبل
اندفاعهم، وهذا حتما يحصل في الغرب لطبيعة النظام، فإنهم سيُبدعون ويتحولون إلى
كتلة نشطة وعقلية مختلفة، أو أن الإنسان الباحث عن راحته غير مبال بمنظومة عقله
سيجد راحته وتحول غرائزه حبه للجديد إلى معاداة للقديم أو الوطن الأم بما حمل، لأنه
يرى أنه ليس ناجحا في وطنه الجديد فينسب فشله إلى ماضيه ليرتاح بكسله وجهله.
النموذج الأوسع:
ما يغلب على نماذج الانبهار المستمرة هو نظرة المغتربين للغرب ممن لا
يفكرون بعمق وإنما يتعاملون مع سطحية
السلوك، وحتى الفرد الغربي لا يدرك تماما ما
اعتبر من طبعه وتعامل معه بسلمية وإن اختلف معه، الذي حصل في الشرق أن هنالك دينا
ومنظومة
أخلاق تضبط السلوك، فقضي على أساس منظومة الأخلاق فبقيت العادات والتقاليد
والتي غالبا تزداد تصلبا لأنها تعطل الحلول ليس بتغطية البيدر بل بقتل العصافير. فقد
فقدت عمليا صلتها بالأصل رغم أنه قرآن يُتلى، وعندما يُستقرأ الواقع لا يُعرض عليه
للحل وإنما على تفاسير واجتهادات بشرية، فبالتالي يجري إيجاد حلول كالتي ذكرناها،
فبدل قراءة المثاني واستنباط الجديد تبدأ الحلول بالتعصب والرفض كأي مجتمع آخر حتى
في الغرب ريثما يحدث انتشار، إلى أن يتغلب فيصبح قانونا في الغرب على أنه مقبول من
المجتمع، فلا ضوابط أخلاقية وإنما هو عرف اجتماعي، أما في منطقتنا فيبقى مذموما
لكن بلا حلول، وهذا أدى إلى منع المرأة لأجيال من الدراسة، ودوما معاملتها على أنها
شرف العائلة والكل وصي عليه، والكل لايفهم لا المرأة ولا الأبناء ولا الآباء،
وهكذا يصبح المجتمع في حالة حرجة، ورأينا كيف انتكست سلطة العادات والتقاليد
وتفككت منظومة القيم في بلدنا بعد الفوضى، وما زالت تتفكك بسبب ظهور الرعاع وعلو
صوت الجهل وانكفاء النخب لفقدانها الآليات في حقيقة الأمر وليس بسبب أي شيء آخر، أما
المفكرون فهم في حيص بيص وكل له مشاربه ولا يتوقف لإعادة التفكير جديا وإنما
لمسايرة الواقع المؤلم، لهذا انكفأت أدوات الإصلاح لعيوب في تنظيمها فكانت علامات
الاستفهام عند المثقف الباحث وهو يرى أناسا عاديين يحسبون أنفسهم من المفكرين فينتقدون
ويسفّهون ولا يقرأون لأنهم يحسون أنهم مكتفون، لكن أخطاءهم السلوكية فيشيرون لها
ليس كأخطاء بشرية أو ضعف بشري فهذا لا يسلم منه أحد، ولكن في ممارسة الفساد
وتأييده من أجل فتات لا يسمن ولا يغني من جوع.
أما الغرب فهو نظام أساسا لم يُبن على قيم أخلاقية معهودة وإنما حوّل
الإيجابي إلى سلوكيات مرتبطة بالنفعية، فالجندي البريطاني لم يك يقتل بريطانيا
لكنه كان يقيم مذابح في المستعمرات، كذلك الفرنسي كان يقيم من المستعمرات نماذج
للتجارب النووية كما في الجزائر، ورأينا سلوك الأمريكان في أبو غريب ومشاركتهم
الكيان في مذابح غزة والإبادة التي كان العالم كله يراها والشعوب منتفضة في الغرب،
لكن ترامب لما سئل قال أنا لم أر إبادة جماعية إلا في 7 أكتوبر. فما تراه من سلوك
ومراعاة للمواطن أو المقيم هو أنه داخل التقاليد، فهو أصلا لسد أسباب أي خطورة على
الدولة الحديثة وأي خطورة على رأس المال، ومع هذا يفشل النظام في الأعداد الكبيرة
فنرى المشردين وأنواعا من اللصوص والمجرمين تدفعهم الحاجة التي يسببها النظام
نفسه، لكن القانون صارم في التعامل لهذا نرى الفوضى عندما يسقط القانون الذي يشبه
في تأثيره دكتاتور العالم المتخلف، فرأينا بسقوط النظام العارقي في 2003 ما اصطلح
عليه بالحواسم، وهم يسرقون أمورا ليست مهمة لكن تخرب المؤسسات والدوائر.
الانبهار إذن أنواع، وقد يمنح سعادة مؤقتة أو قلقا مؤقتا وربما غشاء من
تقييد الرؤية الدائم، لكن الانبهار علاجه تفعيل المنظومة العقلية عندها تتحول
الأمور إلى الإيجابية.