قال المبعوث الأمريكي إلى بيروت، توم
باراك، إن واشنطن تعمل على صياغة خطة متكاملة للمستقبل في
لبنان، في ظل انعدام الثقة بين الاحتلال
الإسرائيلي و"حزب الله"، مشيراً إلى أن بلاده "لا تملي" على اللبنانيين خياراتهم، وإنما "تدعم قراراتهم".
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده باراك في العاصمة اللبنانية، الاثنين، في ختام زيارته الرسمية التي التقى خلالها مسؤولين لبنانيين، أبرزهم الرئيس جوزاف
عون.
وفي تصريحات أثارت جدلاً واسعاً، زعم باراك أن "إسرائيل ملتزمة بتحقيق السلام مع لبنان"، متجاهلاً ما وصفه مراقبون بـ"الوقائع الدموية الميدانية" من آلاف الخروقات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار المعلن في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، والتي أسفرت عن مقتل 231 مدنياً وإصابة 531 آخرين، بحسب إحصاء أعدته وكالة الأناضول استناداً إلى بيانات رسمية لبنانية.
وأقر باراك بوجود "غياب ثقة" بين الطرفين، كما أكد أن "الآلية السابقة بين لبنان وإسرائيل لم تنجح"، معتبراً أن هناك فرصة جديدة ينبغي للبنانيين أن يحسنوا استغلالها.
وأضاف: "لا أحد أقدر من اللبنانيين على اتخاذ القرارات المناسبة لمستقبلهم".
واشنطن تطرح "خطة متكاملة"
ونقل مراسل "الأناضول" عن مصادر لبنانية مطلعة أن المبعوث الأمريكي قدم خلال زيارته الأخيرة في حزيران/ يونيو الماضي٬ مقترحاً تفصيلياً يشمل سلسلة مطالب تتصدرها مسألة نزع سلاح "حزب الله" وحصره بيد الدولة اللبنانية، فضلاً عن إصلاحات مالية واقتصادية عاجلة، وتشديد الرقابة على الحدود والمعابر، وضبط التهريب، وتعزيز الجباية الجمركية.
وفيما لم يفصح باراك خلال مؤتمره الصحفي عن تفاصيل الرد اللبناني، اكتفى بالقول إن لقائه بالرئيس جوزاف عون كان "مثمراً ومرضياً"، مضيفاً: "نقدّر لهجته المتزنة في الرد على مطلبنا المتعلق بحصر السلاح بيد الدولة"، على حد تعبيره.
"حزب الله":المقاومة مرهونة برحيل الاحتلال
في المقابل، رفض "حزب الله" بشكل واضح المقترحات الأمريكية، واعتبرها استهدافاً مباشراً للمقاومة.
وقال نائب الأمين العام للحزب، الشيخ نعيم قاسم، في كلمة متلفزة الجمعة الماضية: "نزع سلاح المقاومة لن يحصل إلا برحيل الاحتلال الإسرائيلي الكامل عن الأراضي اللبنانية".
ويرى مراقبون أن واشنطن تسعى، من خلال باراك، إلى إعادة صياغة الترتيبات الأمنية والسياسية في جنوب لبنان ما بعد الحرب، بما يتماشى مع رؤيتها لـ"الاستقرار" الإقليمي، وهو ما يواجه برفض فئات واسعة من الشعب اللبناني، لا سيما القوى التي ترى في المقاومة ضمانة للردع.
باراك: ترامب يقف معكم
وفي إشارة إلى دعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للجهود السياسية في لبنان، قال باراك إن "ترامب ملتزم باحترام لبنان، ويرغب في مساعدته على تحقيق الازدهار"، لكنه حذر من أن "الرئيس لا يملك صبراً طويلاً"، داعياً اللبنانيين إلى "اقتناص الفرصة قبل فوات الأوان"، على حد تعبيره.
واعتبر باراك أن لبنان لا يزال "مفتاح الاستقرار في المنطقة"، ويمكن أن يكون "لؤلؤة المتوسط"، شريطة الابتعاد عن أجواء الحرب والتوترات المستمرة، بحسب وصفه.
الاحتلال مستمر.. وخروقات لا تتوقف
وبالرغم من سريان وقف إطلاق النار منذ أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، واصلت القوات الإسرائيلية خروقاتها للحدود اللبنانية، حيث تحتل تل أبيب حتى اليوم خمس تلال رئيسية سيطرت عليها خلال الحرب الأخيرة، دون أن تلتزم بالانسحاب الكامل، ما يعد خرقاً فاضحاً لقرار وقف النار، بحسب تقارير ميدانية لبنانية.
وكان العدوان الإسرائيلي على لبنان قد بدأ في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قبل أن يتوسع في 23 أيلول/ سبتمبر 2024 إلى حرب شاملة، خلّفت أكثر من 4 آلاف شهيد ونحو 17 ألف جريح، بينهم عدد كبير من المدنيين.