ملفات وتقارير

تحشيدات عسكرية وتهديدات حكومية.. هل تشتبك قوات الدبيبة مع جهاز الردع؟

تواصلت "عربي21" مع المكتب الإعلامي لحكومة الدبيبة لتوضيح ملابسات هذه التحركات وتفاصيل العملية العسكرية في العاصمة لكنها لم تتلق أي رد- الأناضول
طرحت التحشيدات العسكرية والأمنية وتحريك قوات في العاصمة الليبية طرابلس بهذا التوقيت أسئلة حول أهداف هذه العمليات والتحركات وما إذا كانت المدينة ستشهد اشتباكات بين قوات الحكومة الرسمية وجهاز "الردع"،  خاصة بعد تهديدات رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة.

وشهدت طرابلس تحركات عسكرية في عدة مناطق، منها تحرك قوة تابعة للمنطقة العسكرية بالجبل الغربي بقيادة الفريق أسامة جويلي (المناهض للحكومة) نحو مدينة غدامس بحجة تأمين الحدود.

"تهديدات واستسلام"
وهدد رئيس حكومة الوحدة الليبية، عبدالحميد الدبيبة المجموعات المسلحة في غرب البلاد، واصفا إياها بعصابات إجرامية تشكل تهديدا للدولة وليس الحكومة وفقط وأنه حان الوقت للقضاء عليها، ومؤكدا المضي في خطة أمنية لتفكيك المليشيات والتشكيلات المسلحة، وإخضاع جميع المنافذ والمطارات والموانئ للأجهزة النظامية للدولة.

وأعلن الدبيبة مجموعة من الشروط من أجل وقف حملته ضد هذه المجموعات، وتلخصت شروطه في: ضرورة تسليم المطلوبين للنائب العام، وإخضاع المطار والميناء والسجون لسلطة الدولة وحل جميع التشكيلات غير الخاضعة للدولة.

"تحذير أممي وأوروبي"
وأعلنت البعثة الأممية عن قلقها المتزايد تجاه هذه التحشيدات من قبل جميع الأطراف، محذرة من انهيار هدنة وقف إطلاق النار في العاصمة، داعية إلى التهدئة العاجلة وتجنب الخطوات الاستفزازية.
كما أعربت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا عن قلقها البالغ من زيادة التحركات والتحشيدات الأمنية في طرابلس، داعية إلى الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.

وتواصلت "عربي21" مع المكتب الإعلامي لحكومة الدبيبة لتوضيح ملابسات هذه التحركات وتفاصيل العملية العسكرية في العاصمة لكنها لم تتلق أي رد من مكتب الدبيبة.

كما تواصلت مع صفحات قوات جهاز الردع في العاصمة للتعليق، لكنها لم تتلق أي ردود بالنفي أوالتأكيد لقرب وقوع اشتباكات مع الحكومة.

فهل تعود الاشتباكات العسكرية من جديد في العاصمة طرابلس بين قوات الدبيبة وجهاز الردع على غرار ما حدث مع قوات "الككللي"، وما مصير الهدنة؟

"ترتيب نفوذ وزيارة تركيا"
من جهته، قال الأكاديمي الليبي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، رمضان بن طاهر إن "ما يحدث في طرابلس الآن يعكس حالة من التوتر، لكن لا شيء يشير إلى أن هناك قرارا واضحا بالذهاب إلى مواجهة مفتوحة، والتحركات قد تكون مجرد محاولة من الحكومة لفرض نوع من الانضباط أو إعادة ترتيب النفوذ، دون الدخول في صدام مباشر.

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "جهاز الردع طرف قوي وله وزن على الأرض، لذلك من المستبعد أن يتم استهدافه بشكل مباشر دون حسابات دقيقة". 

وفي هذا السياق يعتقد بن طاهر أن "زيارة وكيل وزارة الدفاع عبد السلام الزوبي إلى تركيا على الأرجح مرتبطة بالتنسيق وتبادل الرسائل، خاصة أن أنقرة مهتمة في الوقت الراهن ببقاء حكومة الدبيبة مستقرة، لكنها لا ترغب في مواجهات داخلية تخلط الأوراق"، وفق تقديراته.

وأضاف: "كل شيء الآن متوقف على قدرة الأطراف على إدارة التوتر، لأن غياب جسم أمني موحد يجعل أي خطوة مفاجئة قابلة لأن تتحول إلى مواجهة أوسع يصعب احتواؤها لاحقا".

"استسلام الردع وإلا الحرب"
في حين أكد مدير المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، شريف عبدالله أن "اندلاع اشتباكات أمر وارد في أي لحظة، وقرار إنهاء قوة الردع اتُخذ داخل أروقة حكومة الدبيبة ولا رجعة فيه، وإذا حدثت الاشتباكات لن تكون مثلما حدث مع الككلي لكن ستكون قوية ولا يتوقع أن تنتهي بسرعة".

وكشف لـ"عربي21" عن "اجتماع مطول في العاصمة وتدخل من بعض الوسطاء، وتوارد أنباء منه بقبول قوة الردع تسليم القاعدة الجوية والمطار لحكومة الوحدة والعودة إلى معسكرها، إضافة إلى فتح السجون أمام وزارة العدل والشرطة القضائية والمنظمات الدولية، مع تسليم السجناء الموجودين لديها، إلا أنه وحتى الآن، لم يصدر أي موقف رسمي واضح من الحكومة أو من الردع"، كما صرح.

وبخصوص زيارة الزوبي لتركيا قال: "هدفها أخذ الموافقة لأن الطيران المسير التركي موجود في قاعدة معيتيقة التي يسيطر عليها الردع، وتركيا وبعض الدول المتدخلة في الشأن الليبي لا ترى الآن بالحرب، وتفضل الدفع باتجاه حلول سلمية عبر الضغط على قوة الردع للاستجابة لمطالب وشرود الدبيبة"، كما رأى.

"إضعاف الردع دون حرب"
في حين رأى الناشط السياسي الليبي، أحمد بن ناجي أن "الدبيبه يسعى جاهدا للإطاحة بقوات الردع بسبب موقفها السابق المؤيد لمحافظ ليبيا المركزي الصديق الكبير، ولكونها المسؤول الأول عن التحشيد للمظاهرات في طرابلس وتحريك الرأي العام واستقبال القوات المتبقية من دعم الاستقرار وحمايتهم داخل معيتيقة وغير ذلك".

وأكد في تصريحه لـ"عربي21" أنه "بإسقاط الدبيبة لجهاز الردع يكون الأول قد أحكم سيطرته على طرابلس بعد الإطاحة بجهاز الدعم والاستقرار، ومن الصعب جدا أن ما حدث مع الككلي يحدث مع كارة، فما يوقف الدبيبة عن بدء عملية عسكرية على الردع هو وقوف الزاوية بكل قواتها بجانب كارة"، وفق معلوماته.

وتابع: "بعد زيارة زوبي لتركيا ستلجأ الحكومة إلى استعمال أساليب أخرى حتى تضعف الردع حتى يكون إسقاطه دون اللجوء إلى حرب ومن هذه الأشياء فتح مطار طرابلس وإيقاف الملاحة الجوية عن مطار معيتيقة الذي تسيطر عليه الردع".

"تركيا ترفض التصعيد"
المحلل السياسي الليبي، السنوسي إسماعيل الشريف قال من جانبه إن "موقف تركيا رافض لأي تصعيد عسكري داخل العاصمة لكنه لايبدو موقفا حازما معلنا وواضحا، وربما يعود ذلك إلى العلاقات القوية الشخصية للدبيبة الذي تدعمه أنقرة بشكل مستمر".

وأشار إلى أن "تركيا لم تشجع أي مسار سياسي  يؤدي لتغيير حكومة الدبيبة، وبالنسبة للعلاقات العسكرية والأمنية فهي مرتبة بين  طرابلس وأنقرة بموجب اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تعاون مشترك وليس هناك جديد في زيارة وكيل وزارة الدفاع، عبدالسلام زوبي"، وفق كلامه لـ"عربي21".