دعا الصحفي الفلسطيني أنس
الشريف، مراسل قناة "الجزيرة" في
غزة، المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة وحقوق الإنسان إلى التدخل العاجل، بعد تعرضه لحملة تحريض وتهديد جديدة من المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفخاي
أدرعي، الذي سخر من ظهوره خلال بث مباشر كشف فيه المأساة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة.
وقال الشريف، في بيان مقتضب عبر صفحته الشخصية: "أنا أنس الشريف، صحفي لا أتبع أيّ توجه سياسي. مهمتي الوحيدة هي نقل الحقيقة من أرض الواقع كما هي، دون تحيّز"، مشدداً على أن الاحتلال يرى في قول الحقيقة تهديداً، لا سيما في ظل
المجاعة المميتة التي تضرب غزة.
أدرعي يهاجم.. وموجة تضامن واسعة مع الشريف
وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال قد وصف بكاء الشريف على الهواء بأنه "دراما مفبركة من إنتاج هوليود – فرع غزة، برعاية قناة الجزيرة وبدعم من حماس"، مدّعياً أن المشهد كان "مدروساً بعناية".
وأتى ذلك بعد لحظة مؤثرة انهار فيها الشريف بالبكاء بينما كان يغطي سقوط سيدة من شدة الجوع أمام مستشفى الشفاء وسط مدينة غزة.
وسرعان ما أثارت تصريحات أدرعي استياءً واسعاً عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث وصفها ناشطون بأنها "تحريض فج ضد الصحفيين" و"سخرية من ضحايا المجاعة". واعتبر كثيرون أن تهجم الاحتلال يعكس "رعبه من الكاميرا والكلمة الحرة"، مؤكدين أن الشريف "صوت من يموتون بصمت".
"نحن نموت مع غزة"
وفي مداخلة مباشرة أمام مستشفى الشفاء، قال أنس الشريف: "نقف أمام الكاميرا نحاول أن نبدو صامدين، لكن الحقيقة أننا ننهار من الداخل... غزة تموت، ونحن نموت معها".
وأردف: "نحن تعبنا جميعاً داخل غزة"، مشيراً إلى أن الفريق الصحفي في الميدان يوثق يومياً مشاهد لم يسبق أن عاشها في أي حرب سابقة.
وتحدث الشريف عن مأساة المجاعة التي بلغت مستويات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن الأهالي باتوا يبحثون عن أي مصدر للطعام، حتى إن أعلاف الحيوانات لم تعد متوفرة. وقال: "يذهب الناس إلى مراكز توزيع الطحين وكأنهم ذاهبون إلى مصائد موت، يعودون إما شهداء أو مصابين".
"نعمل.. لكننا لا نجد طعاماً"
ولفت الشريف إلى أن العاملين في المؤسسات الصحفية، رغم حصولهم على دخل شهري، لم يعد بمقدورهم تأمين وجبة واحدة. وأضاف: "منذ أمس وأنا وزملائي نبحث عن وجبة طعام ولم نعثر عليها. فكيف بمن لا يملك شيئاً؟ كيف لمن يعيش في خيمة وتحت القصف والتهجير أن يبحث عن رغيف؟".
وتابع: "هناك من يأتي إليّ يومياً ويطلب إيصال صوته: نحن نموت من الجوع، وخاصة الأطفال".
الموت جوعاً.. مشهد يومي
وتزامنت تصريحات الشريف مع إعلان وزارة الصحة في غزة، الأربعاء، عن وفاة 10 فلسطينيين خلال 24 ساعة فقط، بسبب المجاعة وسوء التغذية، لترتفع حصيلة الوفيات إلى أكثر من 100 شخص، غالبيتهم من الأطفال، منذ بدء العدوان الإسرائيلي في تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
من جهته، قال رامي أبو طعيمة، مراسل "الجزيرة" في دير البلح، إن أسرته لم تجد أي طعام أو حتى كسرة خبز منذ يومين، مشيراً إلى أن الأطفال يعانون من الغثيان والإعياء وفقدان الوعي بسبب الجوع الشديد، فيما أظهرت صورٌ ومقاطع متداولة أجساداً هزيلة لأشخاص بدوا كالهياكل العظمية.
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، يشن الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة غير مسبوقة في قطاع غزة، أدّت إلى استشهاد أكثر من 202 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، وسط مجاعة كارثية تهدد الجميع.
ويخضع القطاع لحصار مطبق منذ 18 عاماً، لكن العدوان الأخير دمّر كل مقومات الحياة، ودفع أكثر من 1.5 مليون فلسطيني للنزوح والعيش في خيام، دون ماء أو غذاء أو دواء.
في ظل استمرار الإغلاق الكامل للمعابر ومنع إدخال المساعدات، تعالت الدعوات لفتح تحقيق دولي عاجل في سياسة "التجويع الممنهج"، التي يتبعها الاحتلال ضد المدنيين في غزة، بوصفها جريمة حرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي.