اقتصاد دولي

أويل برايس: قطر تخطط لتوفير 40% من الغاز الطبيعي المسال عالميا بحلول 2030

قطر وقعت عقودا كبيرة مع الصين لتجارة الغاز- الأناضول
نشر موقع "أويل برايس" تقريرًا عن خطط قطر لتوسيع إنتاج الغاز الطبيعي المسال من 77 مليون طن متري حاليا ليصل إلى 142 مليون طن سنويًا بحلول سنة 2030، أي ما يعادل 40 بالمئة من الإمدادات العالمية.

وقال الموقع في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الغاز الطبيعي المسال أصبح يحتل أهمية كبيرة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022 بسبب سهولة نقله، خلافا للغاز المنقول عبر الأنابيب، والذي يحتاج إلى وقت طويل لتشييد البنية التحتية والتفاوض على العقود.

فالغاز المسال يمكن شراؤه من السوق الفورية ونقله بسرعة إلى أي مكان، ومع تصاعد العقوبات على روسيا وتضرر صادراتها من النفط والغاز، ازدادت الأهمية الحيوية للغاز الطبيعي المسال في سوق الطاقة العالمي.

وفي هذا السياق، تزايد تأثير قطر في سوق الطاقة بشكل لافت، ومن المنتظر أن يتعزز مع انطلاق صادرات المرحلة الأولى من مشروع توسعة حقل الشمال منتصف العام المقبل.


ويُعد هذا المشروع جزءًا من برنامج أكبر لزيادة الإنتاج، حيث سترتفع طاقة قطر الإنتاجية من 77 مليون طن متري سنويًا، إلى 110 ملايين طن بنهاية 2026، ثم إلى 126 مليونًا بنهاية وصولًا إلى 142 مليونًا بنهاية 2030.

ومن المتوقع بحلول ذلك الوقت أن تستحوذ قطر على ما لا يقل عن 40 بالمئة من الإمدادات العالمية للغاز المسال، وهو ما تدرك القوى الكبرى أهميته الجيوسياسية جيدًا.

التقارب مع الصين

وأوضح الموقع أن قطر التي تقع جغرافيا بين قوتين رئيسيتين في الشرق الأوسط، هما السعودية وإيران، ومن خلفهما الولايات المتحدة من جهة، والصين وروسيا من جهة أخرى، حاولت منذ فترة طويلة اتباع سياسة دقيقة تقوم على التوازن الدبلوماسي بين الأطراف المتنافسة.

غير أن قطر بدت وفقا للموقع أكثر ميلا إلى المحور الصيني الروسي قبل نحو عام من غزو روسيا لأوكرانيا عام 2022، خاصة مع توقيعها سلسلة من العقود الطويلة الأمد مع شركات صينية خلال تلك الفترة.

ففي آذار/ مارس 2021، وُقّعت اتفاقية لمدة عشر سنوات بين شركة الصين للبترول والكيماويات (سينوبك) وقطر للبترول، لتوريد مليوني طن متري سنويًا من الغاز الطبيعي المسال.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2021 أُبرم عقد طويل الأمد آخر لتزويد الصين بالغاز، تمثّل في صفقة بين قطر للطاقة ومجموعة قوانغدونغ للطاقة، لتوريد مليون طن متري سنويًا ابتداءً من 2024 وحتى 2034، مع إمكانية التمديد، وتبعت ذلك عدة صفقات كبرى أخرى.

وحسب الموقع، فإن الصين وروسيا كانتا تعتقدان أن قطر قد تميل إلى معسكرهما، خاصة أنها تشارك جارتها إيران في أكبر حقولها للغاز، وهو حقل الشمال. ويُعد هذا الحقل الممتد على مساحة 9,700 كيلومتر مربع، أكبر حقل غاز في العالم، إذ يحتوي على نحو 51 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وأكثر من 50 مليار برميل من مكثفات الغاز.

ضغوط غربية

وتابع الموقع بأن الانطباع السائد في واشنطن حينما بدأت روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا عام 2022 أن قطر لعبت دورًا في مساعدة بكين على مواجهة أزمة نقص الطاقة وارتفاع الأسعار التي أعقبت الغزو الروسي.

وبالتالي وجدت قطر نفسها تحت ضغوط متزايدة من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا للتراجع عن استراتيجيتها مع الصين وتوقيع عقود طويلة الأمد مع أوروبا، وخاصة ألمانيا.

ووفقا للموقع، فإن واشنطن ولندن وباريس رأوا أن إصرار برلين على استيراد الغاز والنفط من روسيا بعد ضم القرم عام 2014 شجع بوتين على غزو أوكرانيا في 2022.

وقد شهد شهر آذار/ مارس 2022 اجتماعات استراتيجية بين قطر والدول الغربية لتأمين إمدادات عاجلة، تبعها إعلان نية للتعاون مع ألمانيا في مايو/ أيار، ثم صفقات مع إكسون موبيل وكونوكو فيليبس، بينها اتفاق لتوريد الغاز لمدة 15 عامًا اعتبارًا من 2026.

تحقيق التوازن

يرى الموقع أن قطر نجحت حتى الآن في الحفاظ على توازنها الدقيق بين الشرق والغرب، وإن كانت أكثر ميلا نحو الغرب خلال العامين الماضيين.

وقد رافق ذلك الدور الذي تلعبه كحليف رئيسي لواشنطن في مفاوضات بالغة الحساسية في الشرق الأوسط، وأبرزها مؤخرًا في المسائل المتعلقة بالصراع الإسرائيلي الإيراني.

ومع ذلك، لا يمكن للدول الغربية أن تطمئن تماما -وفقا للموقع-، وهو اكتشفه الاتحاد الأوروبي مؤخرًا عندما هددت قطر بوقف إمدادات الغاز الطبيعي المسال ردا على قانون التكتل بشأن العناية الواجبة لاستدامة الشركات، والذي يلزم الشركات الكبرى العاملة في دول التكتل برصد ومعالجة قضايا حقوق الإنسان والبيئة في سلاسل التوريد الخاصة بها.

ووفقًا لمصدر رفيع المستوى في جهاز الأمن بالاتحاد الأوروبي، تحدث إلى موقع "أويل برايس" مؤخرًا، فإن الاتحاد الأوروبي يعمل على إيجاد سبل للالتفاف على تطبيق هذا القانون حتى لا يشكل عقبة أمام استيراد الغاز المسال من قطر.

ويضيف المصدر أن واشنطن لن تسمح لمثل هذا القانون بعرقلة جهودها الضخمة لفصل ألمانيا والاتحاد الأوروبي عن إمدادات الغاز والنفط الروسية، وقال: "استراتيجية العقوبات ضد روسيا حيوية لإضعاف قدرتها المالية على مواصلة القتال في أوكرانيا ثم التوسّع غربًا".

وأكد أن "حرمان الصين من حرية الوصول إلى أكبر قدر ممكن من الغاز الطبيعي المسال القطري أمر أساسي أيضًا لجعل خططها لغزو تايوان أكثر صعوبةً على المدى الطويل".

وفي الوقت الحالي، يبلغ إجمالي الاستثمار في مشروع توسعة حقل الشمال حوالي 83 مليار دولار أمريكي، وقد جاء معظم التمويل الأجنبي من شركات غربية، بما في ذلك شركتا إكسون موبيل وكونوكو فيليبس الأمريكيتان، وشل البريطانية، وتوتال إنرجي الفرنسية، وإيني الإيطالية.