ملفات وتقارير

ندوة في لندن تحذر من تمدد اليمين المتطرف واستهداف أنصار فلسطين في بريطانيا

نشطاء عرب في بريطانيا يناقشون سبلا التعاطي مع صعود تيارات اليمين المتطرف في الغرب..
عقدت مساء أمس الجمعة في لندن ندوة بعنوان "تصاعد الخطاب اليميني وملاحقة أنصار فلسطين.. كيف يمكن للعرب البريطانيين مواجهة ذلك؟"، بمبادرة منصة "عرب لندن" وبحضور ناشطين وإعلاميين من أبناء الجالية العربية في بريطانيا. أدار الندوة محمد أمين، رئيس منصة "عرب لندن"، وشارك فيها الدكتور أنس التكريتي، رئيس مؤسسة قرطبة، والناشط والمؤثر الرقمي نبيل الصوفي، إلى جانب مداخلات من ناشطين وصحفيين بريطانيين من الأقلية العربية في المملكة المتحدة.

صعود يميني لافت

افتتح محمد أمين الجلسة بمقدمة لخصت القلق السائد لدى الحضور من صعود أحزاب وتيارات يمينية متطرفة في بريطانيا وأوروبا، والآثار المباشرة على المجتمع المدني والجاليات المهاجرة. تركز الحديث على نماذج محلية بارزة مثل "حزب الإصلاح" ونايجل فراج (Nigel Farage) وتومي روبنسون، مع الإحالة إلى نتائج استطلاعات رأي ذكرت أنها تعطى لهذه القوى زخماً متزايداً.

محاور رئيسية ونقاط مضيئة.. هل نقلق من صعود اليمين؟
أكد المتحدثون أن القلق مشروع. أشار المشاركون إلى مظاهر ملموسة لتمدد الخطاب اليميني، من بينها تجمعات حاشدة ـ ذُكِر أنها ضمت أكثر من 110 ألف متظاهر بقيادة تومي روبنسون ـ واستطلاعات رأي تمنح تأييداً واسعاً لشخصيات وأحزاب تتبنّى خطاباً معادياً للمهاجرين وتُعرّف المواطن "بناءً على بشرته".

تجليات العداء وتأثيرها اليومي

نُقل عن منظمـة "تل ماما" (حسب ما ورد في مداخلات الحضور) أنها سجّلت ما لا يقل عن 22 حالة اعتداء على مساجد خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ما جعل الحديث عن الأمن المجتمعي وحرية العبادة من أولويات الجلسة. وطرح المتدخلون سؤالين محوريين: "هل نحن في خطر؟" و"كيف نواجه هذا الخطر؟"

قراءات متباينة لأسباب الظاهرة

بدت القراءات متفاوتة: نبيل الصوفي، المؤثر، رأى أن هناك "تضخيماً" من طرفنا أحياناً وأن وتيرة صعود اليمين مرتبطة أيضاً بأزمات اقتصادية ومزاج شعبي (وفق تعبيره)، وأن ما يجري «تطوّر طبيعي» نتيجة ظروف داخلية وخارجية.

الدكتور أنس التكريتي شكّك في نجاح زيارة روبنسون لإسرائيل، واعتبر أن اليمين المتطرف ظاهرة عالمية دخلت الآن "قلب الحياة السياسية" بعدما كانت هامشية، وأن المشكلة تكمن في تبنّي الأحزاب التقليدية بعض محاور خطاب اليمين.

آخرون شددوا على أن العنصرية متجذرة في التاريخ الاستعماري البريطاني وأن الانتهاكات الحالية جزء من نمط أوسع.

نقاط اتهام وقلق خاص

أشار عدد من المتدخلين إلى دور شخصيات ومنصات إعلامية وريادية في تغذية الخطاب اليميني: ذُكر ترامب وإيلون ماسك وامتداحهم لشخصيات يمينية، وذُكِرت أيضاً مواقف وزراء أو نواب مسلمين اعتُبرت متقلبة أو غير كافية في الدفاع عن مصالح الأقليات.

عن المدارس والاندماج والسياسة

طرحت الجلسة حلولاً عملية: دعوات لفتح حوار مجتمعي، زيادة المشاركة السياسية عبر الانخراط في الأحزاب وتبني سياسات محلية، وضرورة العمل على تنشئة جيل يقيم انتماءه للمواطنة البريطانية بجانب هويته الثقافية. كما اقترح بعض الحضور حملات تواصل مع المساجد والمدارس لتوعية الأطفال والشباب، وإرسال مخرجات الجلسة إلى الأحزاب والمؤسسات الدينية.

مداخلات بارزة ومقتطفات كلامية

ذكر الدكتور أنس التكريتي أن "العاصفة المثالية" تجمع عوامل اقتصادية وسياسية وإعلامية جعلت خطاب اليمين يخرج من الهامش إلى المركز.



قال نبيل الصوفي إن "هناك مبررات اقتصادية وغضباً شعبياً" لكنّه حذّر من التقليل من خطورة تصاعد المنابر اليمينية.



طرح متداخلون ضرورة عدم "جلد الذات" والتركيز على الإنجازات الفردية والجماعية كوسيلة لتفكيك الصور النمطية.



تقييم المخاطر.. مؤقت أم دائم؟

تباينت الآراء حول ما إذا كانت الظاهرة عابرة أم مستمرة. بعض المتدخلين اعتبروا أن هذه موجة ستبلغ ذروتها ثم تهدأ، بينما حذر آخرون من أن عناصر قوة اليمين أصبحت متغلغلة في مؤسسات صنع القرار ما يجعلها أخطر وأكثر استمرارية. خلاصة التحليل كانت أنّ الخطر حقيقي لكنه يمتلك أوجهًا مختلفة: أمنية، سياسية واجتماعية، وأن مواجهته تحتاج إلى أدوات متكاملة.



مخرجات وتوصيات الندوة

1 - تعزيز المشاركة السياسية: تشجيع أبناء الجالية على الانضمام للأحزاب المحلية والمشاركة في الانتخابات المحلية والوطنية.

2 - حملة توعية ومواطنة: برامج في المساجد والمدارس لتعزيز مفهوم المواطنة وتعليم حقوق وواجبات المواطن البريطاني دون التنازل عن الهوية.

3 - رصد وتوثيق الاعتداءات: تشكيل شبكات محلية لتوثيق الاعتداءات على أماكن العبادة والجاليات وإحالة الملفات إلى جهات حقوقية وقانونية.

4 - حوار مستمر مع المؤسسات: إرسال تقرير من مخرجات الندوة إلى الأحزاب البرلمانية، البرلمان المحلي، والمساجد، ومؤسسات المجتمع المدني.

5 - بناء سرد مضاد: إنتاج محتوى إعلامي من داخل الجالية لتفنيد الخطاب العنصري بالأرقام والقصص الإنسانية.

اختتمت الندوة بتأكيدٍ على أن مواجهة تصاعد اليمين المتطرف في بريطانيا ليست مسؤولية الأقليات وحدها، بل مسؤولية المجتمع ككل.

وشدّد المشاركون على أن الردّ الفاعل يجب أن يكون عبر مزج العمل السياسي، التوعية المجتمعية، والالتزام القانوني، مع الحفاظ على الهوية والحقوق المدنية. وطالب كثيرون بتحويل القلق إلى خطة عمل قابلة للتنفيذ، لا إلى حالة تبريرية من الهروب أو الانسحاب.