أدى العدوان
الإسرائيلي على
قطر، والذي استهدف الوفد القيادي المفاوض لحركة
حماس، إلى نتائج مهمة وخطيرة على صعيد الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية في
المنطقة، ووضع الدول
العربية والإسلامية والقوى الدولية أمام تحديات جديدة، ودفعت
هذه الدول لعقد قمة عربية- إسلامية في الدوحة؛ نددت بالعدوان ودعت لوقف الحرب الإسرائيلية
على قطاع
غزة والوقوف في وجه المشروع الإسرائيلي لإقامة إسرائيل الكبرى ودعت لإقامة
دولة فلسطينية.
لكن هذه القمة وغيرها من المواقف العربية والإسلامية والدولية لم ترق إلى مستوى
التحدي الناتج عن هذا العدوان الخطير، ولم تنجح في وقف السياسات الإسرائيلية
الجديدة في استهداف الدول العربية والإسلامية. فرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين
نتنياهو يؤكد استمرار سياسة الاغتيالات لقادة حماس والمقاومة في أي مكان تواجدوا
فيه، مما يعني استمرار العمليات الإسرائيلية والتي قد تطال دولا أخرى ومنها تركيا
وإيران ومصر ودولا أخرى.
فما هي أبرز دلالات هذا العدوان الإسرائيلي؟ وماذا عن سقوف الأنظمة
وقراراتها في مواجهة المشروع الإسرائيلي والحرب الإسرائيلية المستمرة؟ وما هي
خيارات الأمة وقوى المقاومة في المرحلة المقبلة؟ ولا سيما ونحن على أعتاب الذكرى
السنوية الثانية لمعركة طوفان الأقصى والذكرى السنوية الأولى للحرب على لبنان.
ما هي أبرز دلالات هذا العدوان الإسرائيلي؟ وماذا عن سقوف الأنظمة وقراراتها في مواجهة المشروع الإسرائيلي والحرب الإسرائيلية المستمرة؟ وما هي خيارات الأمة وقوى المقاومة في المرحلة المقبلة؟
أولا: دلالات العدوان على قطر
هذا العدوان تجاوز كل الخطوط الحمر، فهو استهدف دولة وسيطة تقوم بالوساطة
لوقف الحرب ولها علاقة قوية مع أمريكا وفيها قاعدة عسكرية أمريكية وهي ليست من دول
المواجهة أو الحرب وكانت تسعى لوقف الحرب، والعدوان تم بمعرفة وموافقة أمريكية،
مما يعني أن أمريكا لم تشكل ضمانة للحماية. ورغم فشل العملية، فإن المسؤولين الإسرائيليين
أكدوا الاستعداد لتنفيذ عمليات جديدة ضد قادة حماس أينما كانوا، مما يعني أننا
سنكون أمام تصعيد إسرائيلي في المرحلة المقبلة ولن تنفع كل الضمانات والتطمينات الأمريكية،
وقد تطال العمليات الإسرائيلية دولا أخرى كمصر وتركيا وإيران لأنها تحتضن قادة من
حركة حماس أو تستقبلهم.
ثانيا: مواقف الأنظمة العربية والإسلامية وسقوفها
رغم خطورة هذا العدوان ونتائجه السياسية والعسكرية والأمنية، فإن كل
المواقف العربية والإسلامية لم تكن بمستوى ما جرى، وجاءت مواقف وقرارات القمة
العربية والإسلامية أقل بكثير من المستوى المطلوب لمواجهة المشروع الإسرائيلي، ولم
يتخذ أي قرار عملي لمواجهة المشروع الإسرائيلي وحرب الإبادة المستمرة على الشعب
الفلسطيني والاعتداءات المستمرة على عدد من الدول العربية ومنها سوريا ولبنان
واليمن، مما يؤكد أن سقوف ومواقف الأنظمة العربية والإسلامية ستبقى محدودة ومرتبطة
بالحسابات الإقليمية والدولية والداخلية، مما قد يعرض هذه الدول لمخاطر كبرى في
المرحلة المقبلة وفقا للمشروع الإسرائيلي الخطير.
ثالثا: خيارات الأمة
انطلاقا من كل التجارب التي عشناها ولا سيما وأننا عشية الذكرى السنوية
الثانية لمعركة طوفان الأقصى والذكرى السنوية الأولى للحرب على لبنان، وفي ظل
استمرار الاعتداءات على لبنان واليمن وسوريا والحرب على إيران، والتي يمكن أن تعود
مرة أخرى وإمكانية شمول الحرب جبهات أخرى، فإن هناك حاجة كبيرة لإعادة تقييم كل
هذه التطورات من قبل قوى المقاومة وكل القوى السياسية والحزبية والتيارات الفاعلة
في المنطقة؛ من أجل استخلاص العبر والدروس من هذه المعارك والحروب ووضع
استراتيجيات جديدة لمواجهة العدو الصهيوني.
والمعركة في غزة في طليعة هذه، لأن الصمود في غزة يعني فشل العدو في تحقيق أحد
أهم أهدافه في المعركة الكبرى، لكن بقية الجبهات أيضا مهمة في هذه المعركة، مما
يتطلب إعادة تقييم كل التطورات وتحديد عناصر القوة وعناصر الضعف والبحث عن أشكال
جديدة في الصراع، سواء على المستوى التكنولوجي أو الأمني أو العسكري أو السياسي
والدبلوماسي والإعلامي.
الصراع مع العدو الصهيوني دخل مرحلة جديدة وخطيرة وهو مفتوح على كل الاحتمالات، وهذا يستدعي إعادة تقييم ما جرى حتى الآن ودراسة أفق الصراع في المرحلة المقبلة، وتحديد أي دور لقوى المقاومة وكل القوى الفاعلة سواء على الصعيد العربي والإسلامي أو على الصعيد الإقليمي والدولي
على ضوء كل هذه المعطيات فإن الصراع مع العدو الصهيوني دخل مرحلة جديدة
وخطيرة وهو مفتوح على كل الاحتمالات، وهذا يستدعي إعادة تقييم ما جرى حتى الآن
ودراسة أفق الصراع في المرحلة المقبلة، وتحديد أي دور لقوى المقاومة وكل القوى
الفاعلة سواء على الصعيد العربي والإسلامي أو على الصعيد الإقليمي والدولي.
ومن القضايا الهامة التي تحتاج لاعادة تقييم اليوم ووضع رؤية مستقبلية
حولها:
أولا: أدوات الصراع والقدرات العسكرية والأمنية والتكنولوجية على ضوء ما
جرى ويجري في لبنان وفلسطين وسوريا واليمن وإيران، وصولا للعدوان على قطر.
ثانيا: تقييم الأوضاع في المنطقة وكيفية إعادة بناء محور جديد قادر على
حماية ودعم الشعب الفلسطيني؛ من خلال تقييم تجربة محور المقاومة والتطورات التي
واجهها خلال السنوات الماضية.
ثالثا: دراسة الأوضاع الإقليمية والدولية والبحث في كيفية الاستفادة منها
لخدمة القضية الفلسطينية.
رابعا: دفع الأنظمة العربية والإسلامية من أجل الاتفاق على الحد الأدنى
لمواجهة مخاطر المشروع الإسرائيلي، وخصوصا مشروع إسرائيل الكبرى لأنه سيشكل خطرا
على كل هذه الأنظمة.
خامسا: وضع رؤية جديدة لمستقبل الصراع على ضوء المتغيرات والتطورات التي
حصلت خلال العامين الماضيين.
سادسا: تقييم دور القوى والتيارات الإسلامية وكيفية الخروج من المحن والأزمات
التي تواجهها لإعادة تصويب البندقية في الاتجاه الصحيح، بعيدا عن الصراعات
والخلافات الحزبية والسياسية.
هذه بعض الأفكار والملاحظات التي من المهم النقاش حولها في هذه المرحلة
الخطيرة، ولا سيما بعد العدوان على قطر ونتائجه الخطيرة.
x.com/kassirkassem