كشف تقرير صادر عن
لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة عن فضيحة
فساد كبرى تهز أركان الحكم في
جنوب السودان،
حيث جرى تبديد أكثر من 2.2 مليار دولار من أموال الدولة خلال الأعوام 2021–2024 عبر
ما وصفه التقرير بـ"منظومة فساد منهجية" مرتبطة مباشرة بنائب الرئيس بنيامين
بول ميل وشركات مقربة منه.
وبحسب موقع أويل
برايس الأمريكي أوضح التقرير، الواقع في 101 صفحة، أن السلطات استغلت برنامج
"
النفط مقابل الطرق" خارج الميزانية لتوجيه مبالغ ضخمة لشركات وهمية وعقود
بناء لم تنفّذ، في حين ظل أكثر من 90 بالمئة من الطرق الموعودة دون إنجاز، ووفق التحقيق،
حصلت شركات مرتبطة ببول ميل على ما لا يقل عن 1.7 مليار دولار مقابل مشاريع لم ترَ
النور، بينما يقف ثلثا سكان البلاد – البالغ عددهم 12 مليون نسمة – على حافة المجاعة.
اقتصاد متهاوٍ ونفط
مهدد
وتعاني أحدث دولة في
العالم منذ استقلالها عام 2011 من الفقر المدقع والصراعات الأهلية، فقد تراجع ناتجها
المحلي الإجمالي من 12 مليار دولار إلى 5.4 مليار دولار عام 2024، ويشكل النفط أكثر
من 90 بالمئة من الإيرادات الحكومية والصادرات، إذ ينتج جنوب السودان نحو 150 ألف برميل
يوميًا، تنقل عبر الأراضي السودانية إلى ميناء بورتسودان مقابل رسوم تقدّر بـ18 مليون
دولار يوميًا.
ويحذّر التقرير من
أن استمرار تحويل عائدات النفط لتمويل ميزانيات عسكرية سرية ودعم القوات السودانية
قد يدفع الخرطوم إلى وقف تصدير النفط عبر أراضيها، وهو ما يعني شللاً كاملاً للاقتصاد
الجنوبي.
اظهار أخبار متعلقة
أكدت الأمم المتحدة
أن ما يحدث في جوبا يمثل نموذجًا صارخًا لما يُعرف بـ"لعنة الموارد"، حيث
تتحول الثروات الطبيعية من فرصة للنهوض إلى لعنة تغذي الصراعات والفساد. جنوب السودان،
الذي يمتلك ثالث أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا جنوب الصحراء يقدر بـ3.5 مليار برميل،
لم يستغل سوى 10 بالمئة من ثرواته بسبب سوء الإدارة وانعدام الاستقرار.
ولا تقتصر المخاوف
على الداخل، إذ يحذر محللون من أن انهيار الاقتصاد الجنوبي سيؤدي إلى زعزعة استقرار
المنطقة بأكملها، ويثني المستثمرين الدوليين عن الدخول في مشاريع الطاقة هناك، ويشير
التقرير إلى تجارب مشابهة في الكونغو الديمقراطية وموزمبيق، حيث أدت فضائح الفساد وعدم
الاستقرار الأمني إلى تقويض الثقة رغم الإمكانات الطبيعية الهائلة.