مع تواصل العدوان الإسرائيلي الدموي على قطاع
غزة، وتحديدا على مدينة غزة، تتزايد الاعترافات داخل الأوساط الإسرائيلية بصعوبة تحقيق ما يسمى بـ"النصر المطلق"، رغم تصاعد الدعوات الداخلية لضرورة إنجازه لما يحمله من تداعيات استراتيجية بعيدة المدى، إقليميا ودوليا.
هذا التعثر، برأي خبراء إسرائيليين تحدثوا لصحيفة "
مكور ريشون" الإسرائيلية اليمينية، يضع الاحتلال في مأزق حرج، خاصة مع استمرار سياسة الإبادة ضد المدنيين دون حسم ميداني واضح.
نقلت الصحيفة عن عدد من المحللين الأمنيين والعسكريين أن "الجيش الإسرائيلي، رغم ما يصفه بإنجازات كبيرة، لا يزال عاجزاً عن ادعاء النصر، بينما تتمسك
حماس بمدينة غزة، وتُظهر أنها صمدت قرابة عامين في مواجهة أحد أقوى جيوش المنطقة".
البروفيسور إفرايم إنبار، الرئيس السابق لمعهد القدس للاستراتيجية والأمن، أوضح أن "حماس لا تزال قادرة على ادعاء النصر، فالمقاومة صمدت طويلاً، وهي تكسب الحرب الدعائية بوضوح، لأن هذا الصراع ليس مباراة ملاكمة تُحسم بالنقاط، بل تحتاج إسرائيل إلى ضربة قاضية لم يحققها بعد".
وأضاف أن "إسرائيل بحاجة إلى صورة رمزية تُظهر خروج مقاتلي حماس من غزة كما حدث مع منظمة التحرير في بيروت عام 1982، ما لم يتحقق حتى الآن".
الجنرال غابي سيبوني، الزميل البارز في معهد الدراسات الاستراتيجية والمستشار السابق للجيش، دعا بدوره إلى "فرض حصار كامل وفعال على مدينة غزة قبل أي مناورة برية شاملة، على غرار ما فعله الحلفاء ضد ألمانيا النازية"، منتقداً تردد الحكومة في اتخاذ خطوات حاسمة رغم المخاطر على حياة الرهائن.
اظهار أخبار متعلقة
أما البروفيسور هيليل فريش، الخبير في شؤون العالم العربي بجامعة بار إيلان، فقدم مقارنة بين استراتيجيات الاحتلال في الضفة الغربية وغزة، مشيراً إلى أن "السيطرة الأمنية الكاملة في الضفة منذ عملية السور الواقي عام 2002 منعت إطلاق الصواريخ، بينما أدى انسحاب 2005 من غزة إلى سقوط 1700 قتيل إسرائيلي وإطلاق 20 ألف صاروخ".
واعتبر أن "السيناريو الوحيد القابل للتطبيق بعد الحرب، وإن كان مكلفاً، هو تشكيل حكومة عسكرية إسرائيلية انتقالية في القطاع، لأن التعويل على السلطة الفلسطينية مجرد وهم".
من جهته، شدد العميد يوسي كوبرفاسر، الرئيس الأسبق لشعبة الأبحاث في استخبارات الاحتلال (أمان)، على أن "هجوم السابع من أكتوبر شكل خطأً تاريخياً لا يمكن السماح بتكراره، والسبيل لمنع ذلك هو هزيمة حماس بشكل واضح، وهو ما لم يتحقق بعد".
وأضاف أن "البديل عن الانتصار العسكري هو السيطرة المباشرة على غزة، وهو خيار قد يكون مطروحاً رغم تعقيداته".
وبينما تتواصل العمليات العسكرية، تكشف هذه المداولات داخل الأوساط الإسرائيلية عن مأزق استراتيجي حقيقي، إذ إن أي نتيجة أقل من "نصر حاسم" ستُعتبر هزيمة، وفق توصيف الخبراء أنفسهم، في وقت يضغط فيه المجتمع الدولي باتجاه وقف العدوان وفتح مسار سياسي جديد.