صحافة دولية

مشروع "سوفا 53" داخل المنطقة العازلة..كيف يفرض الاحتلال واقعا جديدا في سوريا؟

توغلت دولة الاحتلال مرارا في سوريا عسكريا منذ سقوط نظام الأسد - جيتي
توغلت دولة الاحتلال مرارا في سوريا عسكريا منذ سقوط نظام الأسد - جيتي
يواصل الاحتلال الإسرائيلي تعزيز وجوده العسكري داخل الأراضي السورية، في خرق واضح لاتفاقية فضّ الاشتباك الموقعة عام 1974، وفق ما كشفه تحقيق استقصائي أجرته هيئة تقصي الحقائق في بي بي سي اعتماداً على صور أقمار صناعية ومقاطع ميدانية حديثة.

أظهرت الصور الفضائية استمرار أعمال البناء في مشروع يعرف باسم "سوفا 53"، وهو حاجز ترابي بارتفاع وعرض خمسة أمتار يمتد بطول يُقدر بـ70 كيلومتراً، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان. ويقع المشروع بين مواقع عسكرية إسرائيلية شرق خط "برافو" داخل المنطقة منزوعة السلاح جنوب سوريا.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي لبي بي سي إنه أنشأ هذا الحاجز "لأغراض دفاعية لمنع محاولات اقتحام أراضي دولة إسرائيل"، مؤكداً أنه يأتي في إطار "مفهوم الدفاع في المنطقة السورية لحماية سكان الجولان".

أوضح الخبير العسكري ستيوارت راي٬ أن صور الأقمار الصناعية تشير إلى أن المشروع جزء من تعزيز الحاجز الأمني الممتد على طول خط "ألفا"، لافتاً إلى أن هذا النوع من التحصينات "يوفر حماية إضافية للقوات الإسرائيلية في حال تعرضها لهجوم من الشرق".

Image1_92025249432631754228.jpg
"سوفا 53".. حاجز ترابي يخترق المنطقة العازلةلكن ثمن المشروع كان باهظاً على السكان المحليين. إذ أكد المهندس أحمد ذيب، مسؤول في وزارة الزراعة بالقنيطرة، أن قوات الاحتلال اقتلعت نحو 1.86 مليون متر مربع من أشجار الصنوبر المثمر في حرش كودنة، إضافة إلى مئات آلاف الأمتار من غابات السنديان والصنوبر في جباثا الخشب والشحار. كما جرى تحويل ما يقارب ستة آلاف هكتار إلى مناطق محظورة، ما حرم المزارعين والرعاة من مصادر رزقهم.

وفي حزيران/يونيو الماضي٬ هدم جيش الاحتلال الإسرائيلي حياً كاملاً مكوناً من 15 منزلاً في قرية الحميدية لتأمين محيط قاعدة عسكرية جديدة. وقال المتضرر محمد سليمان العلي: "أولادي يسألونني كل يوم لماذا لم نعد إلى منزلنا. لم أجرؤ على إخبارهم أن البيت لم يعد له أثر".

أشار تقرير بي بي سي٬ إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أنشأ عدة قواعد عسكرية في المنطقة العازلة، منها قاعدة قرص النفل قرب حضر، قاعدة جباثا الخشب، قاعدة الحميدية، وقاعدة العدنانية المطلة على سديّ أم العظام ورويحينة، إضافة إلى نقاط مراقبة في قمة الحرمون وتل أحمر وسد الوحدة.

كانت الأمم المتحدة قد وصفت، في تشرين الثاني/نوفمبر 2024، هذه الإنشاءات بأنها "انتهاك صارخ" لاتفاقية وقف إطلاق النار لعام 1974.

اظهار أخبار متعلقة


توغل أعمق واتفاقية "غير صالحة"
تحدثت وسائل الإعلام السورية في أيلول/سبتمبر الجاري عن توغل القوات الإسرائيلية 38 كيلومتراً في ريف درعا الغربي وسيطرتها على قاعدة عسكرية قرب "سرية جملة".

رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اعتبر سابقاً أن اتفاقية فض الاشتباك الموقعة مع "نظام مخلوع" لم تعد صالحة، في حين جدد الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع التزام بلاده بالاتفاق. وفي محادثات عُقدت منتصف أيلول/سبتمبر الماضي في لندن بحضور المبعوث الأمريكي، ناقش وزراء من الجانبين إعادة تفعيل الاتفاق وخفض التصعيد.

"إسرائيل الكبرى".. نوايا توسعية معلنة
إلى جانب هذه التحركات الميدانية، أثارت تصريحات نتنياهو الأخيرة حول تمسكه برؤية "إسرائيل الكبرى" التي قد تمتد لتشمل أراضي من فلسطين وسوريا والأردن ومصر، قلقاً واسعاً في العواصم العربية.

جامعة الدول العربية أدانت هذه التصريحات ووصفتها بأنها "انتهاك صارخ لسيادة الدول العربية وتجسيد لعقلية استعمارية توسعية".

ورغم هدوء نسبي ظل سائداً لعقود على الحدود السورية – الإسرائيلية، فإن التطورات الأخيرة تكشف عن فرض أمر واقع جديد، يوسع من رقعة السيطرة الإسرائيلية على حساب الأراضي السورية. 

ومع استمرار الصراع الإقليمي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تبدو الحدود مرشحة لمزيد من التوتر، ما يفاقم تهديدات الاستقرار الإقليمي.
التعليقات (0)