أدرج الرئيس الأميركي دونالد
ترامب ملف تطبيق "
تيك توك" ضمن حزمة إجراءاته التجارية ضد
الصين، مع اقتراب انتهاء المهلة الممنوحة لشركة "بايت دانس" لبيع أعمالها في الولايات المتحدة، وأثار القرار جدلا واسعا بعدما أصبح الملف جزءا من المفاوضات التجارية الجارية بين واشنطن وبكين في مدريد.
وتقترب المهلة النهائية التي منحتها الولايات المتحدة لشركة "بايت دانس" الصينية المالكة لتطبيق "تيك توك" من الانتهاء، فيما يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب قرارا حاسما بشأن ما إذا كان سيجدد للمرة الرابعة هذه المهلة أم سيضغط باتجاه صفقة تنهي الجدل حول ملكية التطبيق الأكثر انتشارا بين الشباب الأميركي.
مهلة رابعة مرتقبة
سبق ترامب أن أرجأ ثلاث مرات تنفيذ قانون يلزم "تيك توك" بفصل أعماله الأميركية عن الشركة الأم الصينية، وتنتهي المهلة الحالية في 17 أيلول/سبتمبر، ومع اقتراب الموعد، يرى مراقبون أن التمديد الرابع هو النتيجة الأكثر ترجيحا لمحادثات مدريد بين مسؤولين أميركيين وصينيين.
وبحسب قناة "سي إن بي سي"، نقل مصدر مطلع على مناقشات إدارة ترامب أن التوصل إلى صفقة غير متوقع في الوقت الراهن، لكن سيتم تمديد المهلة مرة أخرى، وهو ما يمنح الإدارة غطاءً سياسيا لكنه يثير استياء الجمهوريين والديمقراطيين الذين أجازوا العام الماضي قانونا يلزم ببيع التطبيق لجهة أميركية للحد من "مخاطر الأمن القومي".
محادثات مدريد.. "تيك توك" على الطاولة
انطلقت الأحد في مدريد جولة جديدة من المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، بمشاركة وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت ونائب رئيس الوزراء الصيني خه لي فنغ. وأفادت "فرانس24" بأن المباحثات تضمنت لأول مرة إدراج ملف "تيك توك" بشكل علني ضمن جدول الأعمال، إلى جانب قضايا تجارية أخرى مثل الرسوم الجمركية وضغوط واشنطن على حلفائها لتقليص مشتريات النفط الروسي.
وقالت وزارة التجارة الصينية الجمعة إن بكين ستراجع ملف "تيك توك" وفق القوانين المحلية، داعية واشنطن إلى معالجة المخاوف عبر "حوار قائم على الاحترام المتبادل والتشاور".
ترامب: اتفاق وشيك.. والقرار بيد الصين
ألمح ترامب إلى أن اتفاقا لحل القضايا المتعلقة بملكية "تيك توك" قد تم التوصل إليه، مشيرا إلى أنه سيتحدث إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ الجمعة المقبلة. وكتب على منصة "تروث سوشيال": "تم التوصل إلى اتفاق بشأن شركة معينة أراد الشباب في بلادنا إنقاذها بشدة".
وأكد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت أن "إطار عمل" بشأن "تيك توك" بات جاهزا مع الصين، مضيفا أن المفاوضات تشمل تفاصيل تقنية معقدة. وأوضح أن الشروط التجارية للصفقة لم تُناقش بعد، لكن التقدم في الملفات الفنية ملموس.
من جانبه، أعلن المفوض التجاري الأميركي جيميسون غرير التوصل إلى "اتفاق إطار" يضمن أن تكون ملكية "تيك توك" تحت سيطرة أميركية، معتبرا أن العلاقات مع الصين "تتسم بالاحترام المتبادل".
محادثات متواصلة وتوترات قائمة
وأوضحت "فرانس24" أن اليوم الأول من مباحثات مدريد استمر ست ساعات في قصر سانتا كروز (مقر وزارة الخارجية الإسبانية)، بمشاركة وفد أميركي يقوده بيسنت وجرير، ووفد صيني يقوده نائب رئيس الوزراء خه لي فنغ وكبير المفاوضين لي تشنغ قانغ. واتفق الجانبان على مواصلة الحوار في اليوم التالي، فيما أشار بيسنت إلى أن جولة جديدة من المفاوضات ستُعقد خلال أسابيع.
وأشارت الوكالة إلى أن هذه الجولة تمثل اللقاء الرابع بين الوفدين في أربعة أشهر بأوروبا، بعد اجتماعات في جنيف ولندن وستوكهولم، ولم تتناول الجولات السابقة ملف "تيك توك"، لكن إدراجه الآن يمنح الإدارة الأميركية مبررا للتمديد الجديد.
خلفيات سياسية واقتصادية
وأعلن ترامب في آب/أغسطس أنه قد يمدد المهلة الممنوحة لبايت دانس، موضحا أن هناك "مشترين أميركيين مصطفين" لشراء التطبيق، لكنه أضاف أنه لم يتحدث بعد إلى شي جين بينغ حول الأمر، وسيفعل ذلك في الوقت المناسب.
من جهتها، نقلت "رويترز" عن وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك قوله في تموز/يوليو إن ترامب "يحب تيك توك"، لكنه يرى أن التطبيق "لابد أن ينتقل إلى ملكية أميركية".
وتقضي خطة مطروحة في وقت سابق، بفصل عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة في شركة جديدة مملوكة بأغلبية أميركية. غير أن بكين لوّحت بعدم الموافقة، بعد إعلان ترامب فرض رسوم جمركية مرتفعة على السلع الصينية.
انعكاسات داخلية وخارجية
تقول "أسوشييتد برس" إن إدراج "تيك توك" في جدول أعمال محادثات مدريد يعطي ترامب غطاءً سياسيا لتمديد جديد، لكنه يضعه في مواجهة الكونغرس.
وينظر الجمهوريون والديمقراطيون إلى التطبيق باعتباره تهديدا أمنيا محتملا، بسبب إمكانية وصول السلطات الصينية إلى بيانات 170 مليون مستخدم أميركي.
وأضافت المفاوضة التجارية السابقة ويندي كاتلر، وفق "سي إن بي سي"، أن نتائج أكثر جوهرية قد تُحفظ لاجتماع لاحق بين ترامب وشي خلال قمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ في سيول نهاية تشرين الأول/أكتوبر، متوقعة أن يتضمن ذلك "اتفاقا نهائيا يهدئ المخاوف الأمنية الأميركية".
أشارت منصة "Investing" إلى أن إعلان ترامب التوصل إلى صفقة بشأن "تيك توك" أدى إلى تحركات في أسهم التكنولوجيا الأميركية، حيث انخفضت أسهم "سناب شات" بنسبة 1% وتراجعت أسهم "ميتا" بـ0.5%، بينما ارتفعت أسهم "أوراكل" بـ4%. وأكد بيسنت للصحفيين أن "الشروط التجارية للصفقة تم الاتفاق عليها" وأن المحادثات مع الصين ستستمر.
ضغوط متزامنة بشأن روسيا
أفادت "فرانس24" بأن مباحثات مدريد تناولت أيضا ملف النفط الروسي، حيث حث بيسنت حلفاء مجموعة السبع على فرض رسوم جمركية على الواردات القادمة من الصين والهند بهدف تقليص عائدات موسكو النفطية ودفعها نحو مفاوضات سلام بشأن أوكرانيا.
وأكد وزراء مالية المجموعة أنهم ناقشوا هذه الإجراءات ووافقوا على تسريع المحادثات حول استخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم كييف.
ترامب وتيك توك.. علاقة متناقضة
وبالتوازي، قالت تقارير إعلامية إن ترامب أطلق مؤخرا حسابا على "تيك توك"، فيما شارك السبت الماضي مقطع فيديو من المنصة على "تروث سوشيال" يدعوه لتقييد المؤسسات الإعلامية ومنعها من "الكذب على الجمهور".
وأثار هذا المنشور جدلا واسعا، خاصة بعد اغتيال الناشط الأميركي تشارلي كيرك وتصاعد خطاب الغضب في أوساط اليمين الأميركي.
يجد الرئيس الأميركي نفسه أمام معادلة معقدة، ضغوط داخلية من الكونغرس بدعوى حماية الأمن القومي، وحاجة إلى التوصل لتفاهم مع بكين بشأن تطبيق يستخدمه أكثر من 170 مليون أميركي.
وبينما يُرجح المراقبون أن يتم تمديد المهلة الرابعة لبايت دانس، تبقى الأنظار متجهة إلى المحادثة المرتقبة بين ترامب وشي جين بينغ نهاية الأسبوع، وما إذا كانت ستضع إطارا نهائيا لمصير "تيك توك".